قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: إما رفع الحصار أو الكارثة

مصطفى الصواف

مفاجأة من العيار الثقيل قدمتها كتائب القسام أربكت الكثيرين وحركت المياه الراكدة وأكدت في نفس الوقت أن حماس لديها ما تقوله، وعندما نقول كتائب القسام أو حماس يعني أننا نتحدث عن أمر واحد، فكلاهما جزء واحد رغم محاولة البعض إحداث شيء من الفرقة من باب الأُمنية أن هناك خلاف بين حماس والقسام، وحجتهم في ذلك لماذا يطرح القسام مبادرته بعيدا عن الجناح السياسي وفي نفس الوقت يقدمها للحركة الأم.

السبب من وجهة نظري المتواضعة أن حماس قبل إعلان القسام للمبادرة كانت قد طرحت مبادرتها لإنهاء الانقسام السياسي والتي لاقت قبولا فصائليا وشعبيا فلسطينيا إلا حركة فتح والتي هبط خطابها في وصف المبادرة إلى الحضيض، ثم جاءت خطة القسام لتؤكد أن حماس لديها ما تطرحه وأنها حركة (ديناميكية) وليست جامدة.

خطة القسام التي نشرت عبر وكالة الاناضول التركية ليست اختلاقا وليست من أفكار بعض الهواة أو الشباب المندفع، هي خطة مدروسة معلومة المصدر متوافق عليها في أضيق الحدود ولم لم تكن كذلك لكان هناك تصرف ومحاسبة من قبل حماس لوكالة الاناضول على نشرها تلفيقا أو خبرا مدسوسا، ولا نعتقد أن وكالة الاناضول يمكن أن تهبط إلى هذا المستوى ولكنها وكالة محترمة وذات مصداقية عالية.

وعادة ما نسأل عندما يكون هناك طرح جديد أو فكرة أو مشروعا أو خطة تطرح في الساحة السياسية، هل هذا الطرح هو لمجرد أشغال الرأي العام، أو انه عملا لا قيمة له؟، ام أن هناك حاجة وضرورة لمثل هذا الطرح؟، نعتقد بل نجزم أن الطرح لم يكن من فراغ أو هو نوع من التسلية أو لملء الفراغ، ولكنه جاء ليؤكد أن حماس لا تطمع في حكم أو سيطرة وأن الدعوة إلى إحداث فراغ سياسي وأمني توضح ذلك، وأن القضية ليست قضية حكم بقدر ما هي مسألة واجب فرضتها الظروف في أعقاب الفراغ الأمني الذي أحدثته السلطة وأجهزتها الأمنية عقب أحداث 2007 فكان لابد من حفظ أمن المواطنين وعدم وضع القطاع في حالة من الفوضى الأمنية التي قد تؤدي إلى ما لم يحمد عقباه.

طرح القسام جاء بعد انسداد الافق أمام المصالحة وفي اعقاب جرائم عباس المرتكبة بحق قطاع غزة وتذرعه بأسباب واهية وخلقه لأكاذيب حول اسباب تلك الجرائم، وفي ظل استمرار الحصار والارهاب صهيوني ومحاولة خنق قطاع غزة، وكذلك نتيجة حالة الصمت والتفرج الذي يمارسها الاقليم والمجتمع الدولي الواقف عاجزا أو مؤيدا للحصار ومشجعا على قتل مليونين يعيشون في قطاع غزة يرفضون الاستسلام لمشاريع التصفية للقضية الفلسطينية ويتمسكون بحقوقهم وحقوق الشعب الفلسطيني.

الفراغ السياسي والامني يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات، وغياب الجهة المسئولة عما يجري على كل الجبهات، ففي السنوات الماضية كانت المسئولية تقع على حماس كونها الحاكمة في قطاع غزة، وآخر تحميل للمسئولية ما حدث من قبل الاحتلال في الرد على مزاعم اطلاق صاروخ تجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة من عام 48 وحمل الاحتلال حماس المسئولية وقصف موقعين للمقاومة، اليوم وفيما لو حدث فراغ سياسي وامني من سيتحمل المسئولية وهل يستطيع الاقليم والاحتلال تحمل نتائج هذا الفراغ السياسي والأمني، هذا لا يعني تخلي حماس عن حفظ امن وأرواح الناس وممتلكاتهم في قطاع غزة داخليا، ولكن المقصود هو ما سيحدث خارج قطاع غزة من سيتحمل نتائجه ولمن ستُحمل المسئولية بعد رفع حماس مسئوليتها؟.

حماس لن تقبل أن يموت الفلسطيني محاصرا أو جائعا، وحاولت ولازالت تحاول رفع الحصار بكل السبل والعمل على إنهاء الانقسام وكانت المبادرة الأخيرة التي رفضها عباس؛ لأنه من يصر على ابقاء الانقسام، ودليل ذلك هو عدم رده على المبادرة المصرية لأنهاء الانقسام والتي تتوافق مع ما طرحته حماس.

خطة القسام قد تكون النداء الأخير سواء للمًحاصرين أو المُتفرجين على الحصار الراضين عنه والداعمين له بطرق مختلفة، وهي ليست من باب التسلية، ونعتقد أنها جادة وعلى الجميع أن يتحمل المسئولية سواء كان العدو الصهيوني أو المجتمع الدولي أو دول الاقليم أو حتى القوى والفصائل الفلسطينية، فإما يتحمل الجميع المسئولية وينهوا الحصار أو يتحملوا ما سيترتب على حالة الفراغ السياسي والأمني ونتائجه الكارثية.

البث المباشر