"الحبس لمدة لا تقل عن سنة، أو غرامة لا تقل عن ألف دينار أردني ولا تزيد عن خمسة آلاف دينار" هي العقوبة التي تنص عليها المادة 20 من قانون الجرائم الالكترونية، والتي يحاكم عليها خمسة صحفيين معتقلين لدى أجهزة السلطة بالضفة المحتلة.
ولليوم السابع على التوالي، يواصل جهاز مخابرات السلطة اعتقال سبعة صحفيين، ويحاكمهم استناداً للمادة رقم 20 والفقرة الثانية منها، وسط موجة من الانتقاد والسخط على إقرار القانون واستهداف الصحفيين.
"قانون الجرائم الالكترونية ليس سيفاً مسلطاً على رقاب الصحفيين فحسب، بل على رقاب كل الناشطين، وكل من يمارس دور الصحفي على منصات التواصل الاجتماعي"، بحسب محامي مؤسسة الضمير مهند كراجة.
ويضيف كراجة وهو محامي الصحفيين المعتقلين ممدوح وقتيبة سالم من بيت لحم:" تابعنا مؤخراً في مؤسسة الضمير قضايا اعتقال نشطاء على خلفية هذا القانون".
وقال:" حالياً، وفي غالبية محاكم السلطة في الضفة هناك قضايا وسوابق قضائية لناشطين يحاكمون استنادا على قانون الجرائم الالكترونية، وتم الحكم عليهم على منشورات على فيسبوك".
ورأى المحامي أن قانون الجرائم الالكترونية وُجد لتقييد حرية الرأي والتعبير وليكون عقبة في طريق حرية العمل الصحفي.
ويتابع في حديثه لـ"الرسالة":" هذا القانون يحد من حرية العمل الصحفي ومن ينشطون على مواقع التواصل، وهو يعد سابقة وبداية خطيرة أن يتم استهداف الصحفيين استنادا لهذا القانون وعلى مادة عشرين منه".
وتنص المادة 20 من القانون على إنشاء مواقع الكترونية تخل بالنظام العام، دون أن تتحدث ما هو الذي يخل بالنظام والأمن العام، ما يعني أنها قوانين فضفاضة تخل بالقوانين السارية في فلسطين، كالقانون الأساسي الفلسطيني وقانون النشر والمطبوعات، وقوانين الاتفاقيات والقوانين الدولية التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، وفق المحامي.
وتوقّع كراجة استمرار حملات الاعتقالات لصحفيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، في حال استمر هذا القانون، مضيفاً: "كل شخص يكتب رأيه يمكن أن يفسّر أنه يخل بالأمن العام ويتم محاكمته عليه".
وتقدم محامو الصحفيين المعتقلين بطلبات الإفراج عنهم مقابلة كفالات مالي، دون حصولهم على رد.
وكان المحامي كراجة قد كشف في وقت سابق، عن التهم التي وجهت للصحفيين ممدوح حمامرة وقتيبة قاسم.
وأشار إلى أن النيابة طلبت تمديد الاعتقال حمامرة مراسل فضائية القدس كونه "يعمل منذ عام 2008 ضمن فضائيات إخبارية وإعلامية ممنوعة من العمل في دولة فلسطين، ويقوم بنشر منشورات على فيسبوك تمس بأمن الدولة وتهدف إلى التأثير على الأمن والنظام العام".
كما اتهم الصحفي حمامرة "بالتواصل على صفحات ومواقع الكترونية تابعة لحركة حماس في غزة بهدف المساس بالأمن والنظام العام والداخلي والمجتمعي، بالإضافة إلى إنشاء مواقع الكترونية وإدارتها عن طريق شبكات الكترونية ووسائل تكنولوجيا معلومات والترويج بوسائل مختلفة للقصد ذاته".
فيما تضمنت مذكرة اتهام "قاسم" بأنه يعمل منذ 2013 مراسلا لصفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي "تابعة لحركة حماس ويقوم بالتواصل مع شبكات إعلامية متنوعة عبر الانترنت لنشر وترويج أخبار كاذبة تهدف بالإضرار والمس بالأمن والنظام والسلم المجتمعي".
كما اتهم الصحفي قاسم بـ "العمل مع قناة الأقصى الممنوعة قانونا من العمل في دولة فلسطين ويقوم بتصوير فيديوهات وأخبار ونشرها على صفحته الشخصية على فيسبوك وإنشاء مواقع إلكترونية لهذه الغاية والترويج بالأخبار الماسة بالأمن والنظام والسلم العام والمجتمعي".
وفي تعقيبه على التهم الموجهة ضد الصحفيين قال المحامي مهند كراجة:" ما يحصل مخالف للقانون، حيث يتم محاكمتهم على أمور قديمة وقبل إقرار قانون الجرائم الالكترونية وهذا تناقض واضح ومخالف للقوانين السارية".
من جانبه، قال مراسل فضائية القدس، سامر خويرة إن "اعتبار قناة القدس خارجة عن القانون أمر خطير".
وأضاف في حديثه لـ"الرسالة": نحن نعمل منذ عام 2008 وبشكل قانوني ونستضيف الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية والمسئولين، ولكن أن تأتي السلطة اليوم لتبرر إجراء معين وتقول أن قناة القدس ممنوعة، فهذا تهديد لجميع الصحفيين العاملين بالفضائية بالاعتقال".
وتابع:" الأخطر من ذلك، أن السلطة قد تطبق قانون الجرائم على كل من تراه يخالفها بالرأي وبالتالي سنرى مزيداً من زملائنا داخل السجون".
وطالب خويرة بالإفراج عن زملائه الصحفيين، ووقف اعتقالهم، معتبرا "استخدام قانون الجرائم لملاحقة الصحفيين، أمر يتناقض مع توقيع السلطة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنص على حرية التعبير".
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات ضد قانون الجرائم الالكترونية، حيث أطلق الصحفيون مساء السبت الماضي حملة للتغريد على وسم "قانون الجرائم الالكترونية" و"الصحافة ليست جريمة".
وكانت النيابة العامة قد مددت الخميس الماضي اعتقال سبعة صحفيين ، وهم ممدوح حمامرة وقتيبة قاسم من بيت لحم، وعامر أبو عرفة من الخليل ويعمل مراسلاً لوكالة شهاب، وطارق أبو زيد من نابلس ويعمل مراسلاً لفضائية الأقصى، وأحمد الحلايقة من الخليل ويعمل مراسلاً لفضائية القدس، وثائر الفاخوري من الخليل ويعمل مراسلا لفضائية القدس في السوشال ميديا، وإسلام سالم من بيت لحم ويعمل صحافيًا حراً.
وكان رئيس السلطة محمود عباس، قد صادق في 24 حزيران/يونيو الماضي على قانون الجرائم الإلكترونيّة، الذي يهدف إلى تنظيم المعاملات والمواقع الإلكترونيّة الإعلاميّة ومواقع التواصل الاجتماعي، وفرض عقوبات على من يخلّ بالسلوك العام أو يحرّض من خلال تلك المواقع.