ضغوط إقليمية ودولية خلف تجميد عباس قرار تقاعد موظفي الصحة والتعليم

رئيس السلطة محمود عباس
رئيس السلطة محمود عباس

غزة-مراسلنا

لم يكن قرار رئيس السلطة محمود عباس تجميد تقاعد موظفي وزارتي الصحة والتعليم في قطاع غزة، مكرمة رئاسية، بقدر ما هي خطوة جاءت نتيجة ضغوط مارستها أطراف إقليمية ودولية، بعد نحو شهرين من "إجراءات غير مسبوقة" اتخذها أبو مازن ضد غزة.

وكان رامي الحمد الله رئيس وزراء حكومة رام الله أعلن، خلال افتتاحه أقساما في مستشفى الخليل الحكومي أمس الأول السبت، السماح لموظفي الصحة والتعليم، الذين أحيلوا للتقاعد في قطاع غزة، إلى العودة لعملهم المعتاد، وإلغاء قرار تقاعدهم.

وأصدرت حكومة الحمد الله الشهر الماضي قرارا بإحالة ما يزيد على 6 آلاف موظف ممن يتلقون رواتبهم من السلطة للتقاعد في قطاع غزة، غالبيتهم العظمى في وزارتي الصحة والتعليم.

ويلاحظ أن قرار التجميد جاء بعد تصريحات متتالية لأبو مازن خلال شهر أغسطس توعّد في جميعها بتصعيد الإجراءات ضد غزة، والتلويح بوقف الدعم كاملاً لها، لكن ما حصل أنه اصطدم بضغوط كبحت اندفاعه السريع في فرض إجراءات قاسية ضد القطاع، تضرر بسببها كل الجسم الفلسطيني، بمن فيه حركة فتح في غزة، التي بدأت تشعر مؤخرا بأنها ضمن قائمة ضحايا الرئيس.

وقد علمت "الرسالة نت" من مصادر خاصة أن أبو مازن تعرض لانتقادات من الاتحاد الأوروبي لإجراءاته ضد غزة، خاصة فيما يتعلق بقطاعي الصحة والتعليم، باعتبارهما قطاعين حيويين، يمكن أن يؤدي تهديدهما إلى التسريع بحلول كارثة إنسانية حذّر منها الجميع.

وأوضحت المصادر أن أبو مازن تعرض لضغوط مماثلة من الملك الأردني عبد الله الثاني، أثناء استقباله في مقر الرئاسة برام الله، مطلع أغسطس الحالي.

ويرجّح من برودة العلاقة بين الأردن والسلطة، خاصة بعد أحداث القدس الأخيرة، أن الملك عبد الله طالب أبو مازن، أثناء لقائهما، بإنهاء ملف غزة، وعدم التصعيد؛ باعتبار أن ذلك يمكن أن يقود إلى انفجار في المنطقة، لا ترغب به الأطراف الإقليمية حاليا.

كما بينت المصادر أن القاهرة كانت قد أبدت تحفظها على إجراءات عباس، أثناء لقاءه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوليو الماضي، وهذا الموقف يمكن قراءته من زاوية أن التصعيد غير المحسوب ضد غزة، يمكن أن يقود إلى تأثيرات سياسية أو أمنية خطيرة لن تسلم من الجارة الجنوبية للقطاع.

ولم تغفل المصادر الإشارة إلى ضغوط داخلية كانت سببا في قرار أبو مازن تجميد التقاعد، كان من بينها تهديدات حركة فتح في غزة بالاستقالات أو الانتقال إلى "معسكر" النائب محمد دحلان، في حال استمر عباس في إجراءاته ضد القطاع، التي تأثرت بها، وعلى رأسها تقليص الرواتب، والإحالة إلى "التقاعد القسري".

وأكدت أن قرار التجميد تأثر أيضا بالانتكاسة في ملف التسوية على ضوء الأزمة في علاقة السلطة الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية، التي تجاهلت المفاوضات، وتبنّت وجهة النظر الإسرائيلية، خاصة بعد اللقاء الأخير بين أبو مازن والوفد الأمريكي برئاسة جاريد كوشنير، مستشار الرئيس ترامب.

وكانت مصادر ديبلوماسية غربية قد قالت لصحيفة "الحياة" اللندنية إن الوفد الأميركي الزائر لرام الله أوضح للرئيس عباس أن "وقف الاستيطان أمر غير ممكن" لأنه يؤدي إلى انهيار حكومة نتنياهو.

 وأضافت المصادر أن اللقاء شهد "بعض التقدم، لكنه لم يكن كافيًا" لإعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية.

ونبّهت المصادر، في حديثها مع "الرسالة نت" إلى أمر مهم ساهم في تراجع أبو مازن، ويتعلق بفشل "خطة تفجير غزة" في وجه حركة حماس، بعدما أثبتت المعطيات الميدانية بأن هذه الخطة غير مضمونة، في ظل "التنفيس المصري"، والتفاهمات القائمة مع النائب دحلان، التي ينتظر الفلسطينيون لحظة الاختبار الحقيقية لها بعد عيد الأضحى.

البث المباشر