يبدو أن قادة الاحتلال بدأوا يمارسون حالة من الضغط النفسي و"فرد العضلات" في قضية جنودهم المفقودين في قطاع غزة؛ لإرهاب المقاومة الفلسطينية والدفع باتجاه إنجاز صفقة تبادل باهتة للتقليل من انجاز المقاومة.
فمؤخراً هدد قادة الاحتلال العسكريون بأنهم لن ينجروا إلى صفقة تبادل يجري من خلالها الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الجنود المفقودين، وهو ما بدى جليا في تصريح رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، غادي ايزنكوت إنه "لا يحمل البشائر" لعائلات الجنود المفقودين بغزة، وإنه لا جديد في هذا الملف.
وتوعد ايزنكوت المقاومة بأنه قد يستعيد "رفات" جنوده من غزة بعملية عسكرية، مشيرا إلى أنه من غير الصواب الحديث في العلن عن العمليات التي يقوم بها جيشه، قائلًا "نقوم بجهود جبارة في سبيل استعادة الجنود"، وفق قوله.
وسبق هذا الحديث تصريح وزير جيش الاحتلال افيغدور ليبرمان الذي قال فيه إنه لن يسمح بتكرار أخطاء "صفقة شاليط" في إشارة منه إلى الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين.
وكانت كتائب القسام بالاشتراك مع أجنحة عسكرية أخرى قد أسرت الجندي شاليط خلال عملية معقدة في معبر كرم أبو سالم ونجحت خلالها في الاحتفاظ بالجندي (الاسرائيلي) قرابة الخمسة أعوام، خرج بعدها في صفقة تبادل للأسرى بعد أن أخضعت حكومة الاحتلال لشروطها وأجبرتها على الافراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا معظمهم من ذوي "المؤبدات".
حرب نفسية
ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة أن تلك التهديدات تأتي في إطار الحرب النفسية "وفرد العضلات" التي يشنها قادة الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية؛ لتجنب الوصول لصفقة تبادل مُشرفة.
ويوضح أبو زايدة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن الاحتلال يخوض حربا نفسية واستخبارية مستمرة ضمن إجراءاته في هذا الملف، مستبعدا أن يخوض الاحتلال غمار أي حرب مقبلة لاستعادة جنوده.
ويضيف "(إسرائيل) تحاول البحث عن كثب على أي معلومات حول الجنود المفقودين وتجري مناورات وتدريبات وتهدد لإحداث ضغط على المقاومة لإبرام صفقة بأقل ضرر ممكن لهم يخرج من خلالها أقل عدد من الأسرى".
ويلفت أبو زايدة إلى أن الاحتلال يحاول الرهان على عامل الوقت لأطول فترة ممكنة؛ أملاً في الحصول على أي معلومات عن الجنود، وهروبا من إبرام أي صفقة من شأنها أن تضعف مستقبل نتنياهو السياسي أو تهدد بقاءه.
تليين العروض
ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر مع سابقه في أن تلك التصريحات محاولة للضغط النفسي على حركة حماس؛ بهدف تليين موقفها من أجل التوصل لصفقة تبادل أسرى مع الاحتلال.
ويؤكد أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة نت" بأن الاحتلال لو كان يمتلك أي معلومة عن مكان جنوده لما توانى للحظة في خوض حرب جديدة وإن أدت لقتل جنود خلالها، مبينا أنه يمارس حربا استخبارية بالدرجة الأولى في هذا الملف.
وأشار إلى أن الاحتلال يحاول الحصول على أي معلومة عن جنوده عبر التسويف في محاولة لتقليل والهروب من دفع الثمن الذي قد يكلفه الكثير.
وفي نهاية المطاف فإن مراهنة الاحتلال على أساليبه السابقة ستبوء بالفشل؛ في ظل الخبرة الكبيرة والحنكة التي اكتسبتها المقاومة من الصفقة السابقة.