خراب وسرقة ونهب للأجهزة التي تقدّر بآلاف الدولارات، طالت عشرات المؤسسات والمكاتب والجمعيات الإسلامية بالضفة المحتلة بداية الانقسام، لتضيع الحقوق، وتهدر الإنسانية تحت سطوة من ملكوا قوة السلاح، وأداروا دفة الفلتان لسنوات عجاف.
حقوق ضاعت، وأموال صودرت، وحرية داستها عربدة السلاح، ومصادر رزق قطعت عن مئات العائلات، بدأت الآن بالعد العكسي بانتظار الوصول لنقطة العدل، وإعادة الحقوق لأصحابها.
فما زال نحو 450 موظفا عينتهم الحكومة العاشرة عام 2006، موقوفين عن العمل بعد أحداث الانقسام التي وقعت منتصف شهر يونيو 2007، ولم يسمح لهم بالبقاء في وزاراتهم، وأجبروا على مغادرتها بدون أية حقوق.
وبات الموظفون وأصحاب المؤسسات التي أغلقت بقرار الانقسام والفلتان بالضفة، يترقبون نتائج حوارات القاهرة وجلسات المصالحة المتتابعة، وآذانهم تشدها الأخبار الآتية من مصر، حيث يلتقي طرفي الانقسام حماس وفتح برعاية مصرية.
يزيد خضر، كان يشغل منصب مدير عام في وزارة الإعلام بالحكومة العاشرة، تم توظيفه بتاريخ 10 يونيو عام 2006، وفصله من عمله بتاريخ 14 يوليو بالعام التالي.
لم تقف معاناة خضر على قرار فصله، فقد بات "من المغضوبين عليهم" لدى أجهزة السلطة، ولدى أي مؤسسة أخرى تقدّم لها بطلب وظيفة بعد فصله التعسفي.
يقول خضر لـ"الرسالة": "بعد فصلنا بات ينظر إلينا بعين الريبة، وكأننا أناس منبوذون، وكل ذلك بتوصية من اجهزة الأمن، وباتت طلباتنا للوظائف تقابل بالرفض القاطع لمجرد أننا موظفين في عهد الحكومة العاشرة، أي أن ذلك يعني لهم أننا "حماس" ولا يسمح بتوظيفنا".
يتابع والغصة لا تزال تكدر صفو عيشه: "الفصل من الوظيفة قطع رزقي، وأثّر عليّ وعلى عائلتي وحياة أبنائي بشكل كبير".
وذكر أنه لجأ لرفع القضايا لدى المحاكم الفلسطينية، من خلال المؤسسات الحقوقية، وديوان المظالم، دون جدوى أو وصول لحل، والتعليل دائما كان أن القضية سياسية.
وعبّر خضر عن تفاؤله بمجريات وأخبار المصالحة، وقال: "نتمنى أن تتم المصالحة، لكن لن يكون لها معنى إن لم أعد لوظيفتي".
وتابع: "إذا لم نعد نحن الـ 450 لوظائفنا ولم تنصفنا هذه المصالحة وتعيدنا لأماكن عملنا، فلا معنى ولا قيمة لها، يجب أن يعود الكل لوظائفهم، وأن يكون هناك حرية للعمل السياسي والاجتماعي بالضفة، وأن يتم فح كل المؤسسات التي أغلقت".
وكان خضر يرأس نادي دير الغصون الثقافي للخريجين، قبل أن يغلق بقرار من السلطة عام 2007، ويحرم نحو 800 خريج جامعي حينها كانوا مشاركين به، من الأنشطة والفعاليات والندوات والخبرات التي يكتسبوها منه، رغم أنه كان مرخصا من وزارة الداخلية.
وقال خضر: "أغلق النادي بقرار من الأمن الوقائي، وهناك مؤسسات كثيرة أغلقت وأموال صودرت، والحريات كلها كانت مصادرة، فإن عادت كل هذه الأمور، سيكون معنى للمصالحة، أما دون ذلك فلا قيمة لها بالنسبة لنا".
ومضى بالقول: "نحن ضحايا هذا الانقسام، والأصل أن يتم معالجة كل هذه الملفات، سواء في الضفة أو قطاع غزة، وفي حال تم حله في غزة، فيجب حله تلقائيا بالضفة".
من ناحيته قال صاحب إحدى المؤسسات التي أغلقت في مدينة نابلس عام 2007، إنه يترقب عودة المياه لمجاريها لتعود له حقوقه، ويعود فتح مؤسسته من جديد.
وأضاف، رافضاً الكشف عن اسمه: "ما زال الوضع مريباً، أملنا لا يزال باهتاً، فحال الضفة أصعب مما يعتقد الكثيرون، أموالنا ومؤسساتنا صودرت ونهبت ولم يعوضنا أحد ولم يتم توثيق الكثير من الاعتداءات نتيجة لضخامة الأحداث حينها".
ويتابع: "مؤسستنا أحرقت، وسرقت أجهزة تقدر بآلاف الدولارات، وتم اعتقالي وزملائي وتعرضنا للتعذيب، ليس لشيء، فقط لأننا "حماس"، ولأن المؤسسة كانت محسوبة على الحركة".