قائد الطوفان قائد الطوفان

دلالات الشروط الإسرائيلية والأمريكية للمصالحة

نتنياهو وترامب
نتنياهو وترامب

الرسالة نت- أحمد الكومي

بعد أيام قليلة من إعلان توصل حركتي فتح وحماس إلى اتفاق مصالحة برعاية مصرية، بدأت تصدر شروط إسرائيلية وأمريكية تستبق التنفيذ، وكلها تتعلق بحماس، وكان واضحا التقاء هذه الشروط على صيغة واحدة.

المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر (الكابينيت) كان قد حدد شروطًا للموافقة على حكومة فلسطينية تنخرط فيها حماس، أهمها اعتراف الحركة بـ(إسرائيل)، ونزع سلاحها، وهما شرطين طالب بهما أيضا جيسون غرينبلات، المبعوث الأمريكي الخاص لعملية "السلام" في الشرق الأوسط، حماس "إذا كانت تريد أي دور في الحكومة الفلسطينية"، كما قال، وهو تصريح اعتبرته واشنطن أنه "يُعبّر عن مبادئ الإدارة الامريكية، والرباعية الدولية".

هذه الشروط وتوقيتها يؤكد حجم ومستوى التدخل الأمريكي السلبي في الملف الفلسطيني، الذي كان من أبرز أسبابه السياسة التفاوضية الخاطئة للسلطة والانفراد بالقرار، دون الاحتماء بالإجماع الفلسطيني الرافض لاحتكار الرعاية الدولية للقضية الفلسطينية والمطالب بتدويلها؛ من مبدأ إنهاء الانحياز الأمريكي لـ(إسرائيل)، الذي يُخلّ بميزان التفاوض لغير صالح الفلسطينيين، وهذا ما أشار إليه بيان حماس تعليقا على تصريح غرينبلات، حيث اعتبرت تصريح المبعوث الأمريكي "محاولة ابتزاز وانحياز أمريكي لصالح المواقف الإسرائيلية"، وأنه يمثّل تدخلا سافرا في الشؤون الفلسطينية الداخلية.

إضافة إلى أن الشروط الإسرائيلية هي أشبه برسالة مفادها أن (إسرائيل) حاضرة في الاتفاق، وأن أي تفاصيل أو مقررات فلسطينية لابد أن تمر من خلالها، وبعد موافقتها، وهذا ما يؤكده التصريح بأن "الفيتو الأمريكي والإسرائيلي رُفع عن المصالحة"، واعتبار ذلك أنه كان عامل تقدم، ونتيجة للموقع الذي وصلت إليه إجراءات إنهاء الانقسام، وهذا ما تحاول (إسرائيل) ترسيخه.

على صعيد حماس، فإن هذه الشروط هي بمنزلة شهادة على حجم التأثير الكبير للحركة وموقعها في السياسة الفلسطينية، وامتدادات ذلك عربيا وإقليميا، حيث ساهمت المرونة العالية التي أظهرتها حماس في جهود المصالحة أن تكون مواقفها محط اهتمام عربي ودولي، إلى جانب أنها اعتراف بأن دخول حماس إلى مؤسسات السلطة سيكون له انعكاسات حقيقية ومؤثرة على مسار "السلام"؛ وهذا يفسر الإصرار المشترك من (إسرائيل) والولايات المتحدة على قبول حماس بشروط الرباعية الدولية.

وتحاول الولايات المتحدة و"إسرائيل" حرمان حماس من الوصول إلى الموقع الذي يؤهلها لممارسة هذا الدور السياسي المؤثر الذي يمكن أن يهدد التسوية، بقطع الطريق على انضمامها إلى الحكومة أو منظمة التحرير، وهذا ما يتعارض مع مبدأ الشراكة السياسية الذي تتمسك به حماس؛ لذلك جاهرت الحركة برفضها القاطع هذه الشروط، وتصميمها على المضي في برنامجها السياسي.

فحين سئل موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، فيما إن كانت الحركة ستتخلى عن دورها السياسي وتترك كل شيء للسلطة، أجاب في مقابلة مع CNN بالعربية: "نحن إذ تخلينا عن الدور الإداري في قطاع غزة، فلن نترك الدور السياسي، وسنبقى شركاء في تحمل المسئولية، وسنقدم أنفسنا للشعب من خلال الانتخابات، وسنحافظ في نفس الوقت على برنامجنا في المقاومة حتى تحقيق آمال شعبنا الفلسطيني وطموحاته".

كذلك اعتبر صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في تصريحات أوردها موقع قناة الميادين، أن "وجود وفد الحركة في طهران هو الرفض العملي للشروط الإسرائيلية"، التي من ضمنها قطع العلاقات مع إيران.

الراجح أن يكون لهذه الشروط تأثير واضح على مسار المصالحة رغم الرفض الفلسطيني المعلن لها، وهذا يعتمد بصورة أساسية على استمرار "الهجوم المشترك" من فتح وحماس على الوحدة الداخلية، والإقبال بقوة على تنفيذ الاتفاق، بما يخدم الأهداف الوطنية لكليهما، ويقطع الطريق على المحاولات الخارجية لإفشالها؛ باعتبارها شأنا داخليا، والعمل على ترويج معادلة مفادها أن "السلام" لا يُفرض بالقوة أو الأمر الواقع، إنما يمر عبر الإرادة الشعبية والشرعية التي يمثلها الإجماع الوطني، والتوافق المشترك على قراري السلم والحرب.

البث المباشر