قائد الطوفان قائد الطوفان

رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في الضفة

صرصور: المسّ بشرعية قضاة غزة خطير وقضاء الضفة مشلول ومنقوص

رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في الضفة
رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في الضفة

الرسالة نت – محمود هنية

رفض رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في رام الله سامي صرصور، مطالبة رئيس السلطة محمود عباس بتسلم القضاء الأعلى في غزة، معتبرا ذلك عدوانا على القانون الأساسي والدستور، ومخالفًا لمبدأ فصل السلطات.

وقال صرصور في حوار خاص بـ"الرسالة نت ": إنّ محمود عباس يمثل السلطة التنفيذية وحكومته هي منفذة لقراراته التنفيذية، ولا علاقة لهذه السلطة بـالقضاء ولا ينبغي أن يكون تابعًا لها"، واصفا دعوات عباس بتسليم القضاء بـ"المصيبة والكارثة" التي ينبغي عدم السماح بتمريرها.

وأكدّ ضرورة أن "يرفع الرئيس والسلطة التنفيذية يدهم عن القضاء"، مضيفًا: "حكومة الحمد الله لا علاقة لها من قريب أو بعيد في القضاء".

وشدد على أن استحواذ رئيس السلطة محمود عباس على السلطة القضائية سواء في الضفة أو غزة، "مسألة خطيرة وتعد مخالفة للدستور وتعديا على القانون"، مطالبا قيادة السلطة وحركة فتح برفع يدهم عن القضاء في الضفة وغزة، مضيفاً "كنت قد طالبت سابقاً توفيق الطيراوي بأن يرفع يده عن القضاء".

وتابع صرصور أنه في حال طبقت تجربة القضاء في الضفة على غزة "فتلك مصيبة وكارثة يجب أن لا يقبل بها أحد". وذكر أن الجهات المناط بها توحيد المؤسسة القضائية هي جهات أخرى يجب أن تكون محايدة ولا علاقة لها بالسلطة التنفيذية، موضحًا أن هذه المهمة يجب أن يتشارك فيها النواب ومؤسسات المجتمع المدني والفصائل وليس السلطة التنفيذية ممثلة بعباس وحكومته، مشددًا على أن السلطة القضائية مستقلة بذاتها وفق القانون.

ونوه إلى خطورة عدم الاعتراف بشرعية القضاة في غزة؛ "لأنّه ترتب على عملهم قرارات ويشكل مساساً بحقوق الناس والأحكام التي صدرت لهم". وأوضح أن اعتبار تعيين قضاة غزة منعدما أو غير قانوني يعني أن ذلك سيحدث أزمة وفلتاناً في حقوق الناس المكتسبة "فمن صدر عليه حق لن يقبل به ومن صدر له حق سينتزع منه".

واقترح رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق، أن يتم تشكيل مجلس أعلى انتقالي لا تتدخل في عمله السلطة التنفيذية بالمطلق رئاسة وحكومة، ويتم بناء عليه توحيد المجلسين في الضفة وغزة، مؤكداً أن صلاحية مجلس القضاء الأعلى في الضفة "مشلولة ومنقوصة"، معللاً ذلك بأن "من يسيطر عليه هو وزير العدل خلافا للدستور".

وذكر أن أي تعديل لقانون السلطة القضائية لا يجوز أن يمس القضاة، والبحث عما يضرهم، وإنما ما يضمن ترسيخ استقلال القضاء سواء فيما يتعلق بالموازنات أو المهام والأداء وبعيدا عن تدخل وزير العدل الذي لا يجوز له وفق القانون التدخل في السلطة القضائية.

  تجاوزات وانتهاكات

وفي غضون ذلك، أكدّ أن القضاء في الضفة المحتلة يتعرض لتدخلات وضغوط سواء من السلطة التنفيذية أو من شخصيات سياسية في حركة فتح، مشيرا إلى أن وزير العدل علي أبو دياك تقدم بمقترح للحكومة في شهر مايو الماضي بإقرار تعديلات على قانون السلطة القضائية، يتيح بموجبها لرئيس السلطة إقالة أي قاض في حل بلغ سنا معينة، وتعيين المحكمة العليا بالعودة إليه، معتبرًا ذلك تعدياً من السلطة التنفيذية على القضائية.

وأوضح أن الدستور بموجب المادة 43 منح الرئيس إصدار بعض القوانين في السلطة القضائية في حال الضرورة "ولكن لا يوجد هناك ضرورة حقيقية تستوجب اجراء هذه التعديلات، واستباحة السلطة القضائية"، مشيرا إلى ان المجلس الأعلى للقضاء في رام الله رفض هذه التعديلات.

وأكدّ أنه لا يجوز من حيث المبدأ التدخل في قوانين السلطة القضائية من مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن القضاء بشكل عام لا يشعر بالاستقلالية في الضفة نظرًا لحجم التدخلات من الحكومة التي بات مناط بوزارة العدل فيها مناقشة ميزانيات القضاء، وهذا أمر يتعارض مع قانون استقلال السلطة القضائية الذي جرى إقراره عام 2002م.

وكشف رئيس مجلس القضاء الأعلى أنه جرى تعيين قضاة في المجلس الأعلى للقضاء خلافاً للمادة الـ16 من قانون السلطة القضائية، الذي ينص على انه لا يجوز تعيين أي قاض لرئاسة أي محكمة إلا بتنسيب من القضاء الأعلى وبعدها يصدر الرئيس قرار تعيينه، وإن لم يتم تنسيبه من القضاء الأعلى فـيعد تعيينه باطلاً.

وبيّن أن رئيس السلطة محمود عباس أصدر قرار تعيين علي مهنا في محكمة العدل العليا بدون تنسيب مجلس القضاء الأعلى، وبعد اعتراض المجلس استجاب الرئيس وأنهى خدماته، مشيرا إلى أن عددًا من رؤساء المحاكم جرى تعيينهم بدون تنسيب، و"كان تعيينًا باطلا ويعتبر أحد الاعتداءات على قانون استقلال السلطة القضائية"، وفق قوله.

وبالنسبة لتعيينات النيابة العامة، أوضح أنه جرى تعيين شخصيات في النيابة بدون تطابق الشروط عليهم لا من حيث المعدل أو الاقدمية ولا حتى الكفاءة، وتابع "فقط جرى تعيينهم بناء على مواقع نفوذ ذويهم وقربهم من صناعة القرار"، مؤكداً أنّ هذه التعيينات أخلت بواجبات الوظيفة، والمعايير التي يجب من خلالها التعيين في الوظائف العمومية، وهذه كلها مؤشرات فساد. 

  وصاية فتحاوية على القضاء

ولم يقتصر التدخل في عمل السلطة القضائية على الرئيس وحكومته فحسب، بل تجاوز ذلك لإساءة أعضاء اللجنة المركزية لفتح للقضاء والتدخل في موقع رئيس مجلس القضاء الأعلى، وفق ما حدث مع صرصور الذي يكشف تفاصيل جديدة عن المؤامرة التي احيكت لعزله عن رئاسة القضاء.

وأوضح صرصور أن العلاقة بينه وبين توفيق الطيراوي لم تكن فيها أدنى مشكلة، ومضى يقول: "لكن الرجل اتهمني بالتزوير في يوم ميلادي، بدون الرجوع إلى وزارة الداخلية الذي كان بإمكانه التحقق من خلالها إن كنت مزورًا لتاريخ يوم الميلاد من عدمه، خاصة وأنه عمل في مجال المخابرات ويستطيع أن يتأكد بكل سهولة".

ورأى أن الطيراوي كان مدفوعًا ومسيرا من جهات أخرى، خاصة وأن رئيس الحكومة رامي الحمد الله كان يرغب في تعيين شخصية أخرى لرئاسة مجلس القضاء، "وبعد تعييني بثمانية أشهر باتت المؤامرات تحاك بطرق مختلفة آخرها ما فعله توفيق الطيراوي"، وفق قوله.

وبيّن صرصور أن رامي الحمد الله قاوم قرار تعيينه بـعناد شديد، بغية تعيين شخصية أخرى مقربة منه. وذكر أنّه رفع كتابا لرئيس السلطة محمود عباس فيما عرف بحلف اليمين، مكتوب فيه "أنه تحت أمر قيادة الرئيس"، فاعتبر هذا الخطاب كتاب استقالة وأن الرئيس موافق عليها.

ويضيف صرصور: "لو صحت مزاعمهم أن هذه استقالة، فقبولها من عدمه ليس من اختصاص الرئيس وإنما من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء الذي يتخذ قراره ثم يحيله لوزير العدل، وخلال 15 يوما يتم القبول أو الرفض، ولو كانت استقالة حقيقية كان ينبغي أن يقول الرئيس أن هذا خارج اختصاصه ويحيلها للمجلس الأعلى للقضاء".

وأكدّ أن القانون ينص بأن الرئيس لا يملك عزل القاضي، "ولكن كان هناك نية مسبقة وإصرار وترصد، وآثرت الخروج من المشهد بعيداً عن هذه الفئة".

ويشير إلى أنه جرى تعيينه نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء منذ 2002، ومنذ ذلك الوقت وحتى قرار إقالته عام 2016، جرى تعيين ثلاثة لرئاسة المجلس الأعلى للقضاء بعد موسى الصوراني بدون تنسيب من المجلس الأعلى، "بما يشكل انتهاكًا مزدوجًا أولهما التعدي على حق مكتب لي بصفتي نائبا للرئيس، والثاني تجاوز لمبدأ تنسيب القضاة من المجلس الأعلى".

وأكدّ أنّ صدور قرار التعيين من الرئيس عباس لهؤلاء القضاة يشكل انتهاكًا للمادة 18 من القانون، متسائلاً عن الجهة التي ينبغي أن تحقق في هذه القضية.

البث المباشر