يبدو أن التوافق على تمديد الفترة المقررة لإتمام استلام حكومة التوافق مهامها في قطاع غزة، لتصبح في العاشر من شهر ديسمبر الجاري، بعد أن كانت مقررة في الأول منه، جاء لمنع الانفجار وفي محاولة للحفاظ قدر الإمكان على ما تم الوصول إليه؛ عقب تعقد الأمور وظهور عقبات في طريق المصالحة.
ومن المهم ذكره أن دعوة الحكومة لموظفيها "المستنكفين" بالعودة إلى العمل دون أي ترتيب مسبق لعودتهم وفي مخالفة واضحة لما جرى الاتفاق عليه في القاهرة عام 2011، وما تبعه من رفض نقابة موظفي غزة لهذا القرار، زاد الأمر تعقيدا وأعاد المصالحة إلى نقطة الصفر.
ورغم أن التأجيل جاء لاستكمال الترتيبات اللازمة لضمان إنجاز خطوات المصالحة، بعد اجتماع مطوّل وطارئ دعت إليه حركة حماس مع الفصائل، وحضره الوفد المصري وممثلون عن حركة فتح ونائب رئيس الحكومة زياد أبو عمرو، وذلك بعد جدل كبير دار فيما يخص ملف "تمكين الحكومة"، فإن التساؤل الذي يبقى مطروحا إلى أي حد يمكن أن تنجح الأطراف في تذليل العقبات وإزاحة العثرات من طريق المصالحة.
محاولة الاتفاق
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنه من المتوقع الاصطدام في عقبات عند تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه، مرجعا ذلك إلى أن العشر سنوات الماضية أنتجت نظامين سياسيين مختلفين تحتاج عملية دمجهما إلى حوار عميق ومطول وهو ما لم يحدث.
ويوضح عوكل في حديثه لـ"الرسالة" أن عدم الاتفاق على معايير تمكين الحكومة وتفاصيل هذا المصطلح خلال اللقاء السابق في القاهرة زاد الأمر تعقيدا، مشيرا إلى أن الدعوة لعودة الموظفين القدامى دون وجود لجنة إدارية ترتب دمجهم فاقم المشكلة وزعزع الثقة.
وبين أن التوافق على تأجيل موعد تسلم الحكومة لكافة مهامها حتى العاشر من الشهر الجاري؛ بهدف منح الطرفين فرصة لحل القضايا العالقة، معتبرا أن التأجيل كان المخرج الوحيد لمحاولة الاتفاق مجددا.
ويربط عوكل نجاح الاتفاق وعودة الثقة بعد العاشر من هذا الشهر، بما سيرشح عنه لقاء القاهرة الجاري حاليا بعد مغادرة وفد من حماس قطاع غزة للقاء المخابرات المصرية واستكمال البحث في ملف المصالحة مساء الجمعة الماضي.
وبتوقع أن يجري الاتفاق على قضايا الخلاف، مرجعا ذلك التفاؤل إلى أن العوامل التي دفعت المصالحة ما زالت موجودة.
منعا للانفجار
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن تأجيل موعد تسلم الحكومة لمهامها جاء لمنع الانفجار وحفظ ماء وجه الجميع بعد أن وصلت الأمور حد "عنق الزجاجة"، على حد قوله لـ"الرسالة".
وعلى عكس سابقه فإن عطا الله لا يتوقع التوصل لاتفاق خلال المباحثات الجارية في القاهرة، أو التمكن من حل قضايا الخلاف بعد العاشر من الشهر الجاري؛ مرجعا ذلك إلى فشل التوافق وإنهاء الأزمات منذ قرابة الـ 50 يوما سابقا.
ويلفت إلى فشل التقدم في مسار المصالحة يزيد من تعقيدات الحالة الفلسطينية والدفع لخيارات أخرى لا يرغب بها الجميع.
وفي نهاية المطاف فإن الأيام القليلة المقبلة كفيلة بكشف ما ستؤول إليه الأمور بشأن الملف الأكثر حساسية في القضية الفلسطينية.