دانت دول عربية وإسلامية وغربية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار القدس في مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين، واعتبرت معظم هذه الدول أن هذه الخطوة إرهاب أمريكي للعالم أجمع.
واستخدمت المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن الدولي "نيكي هيلي" مساء الاثنين حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار مقدم إلى المجلس ضد إعلان القدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، الأمر الذي أفشل اعتماده من المجلس.
واعتبرت وزارة الخارجية التركية، أن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "فيتو" على مشروع قرار بشأن القدس يظهر مجددًا فقدانها للحيادية.
جاء ذلك في بيان صادر عن الخارجية حول فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار مقدم من مصر نيابةً عن المجموعة العربية، وبمبادرة مكثّفة من تركيا، يعتبر قرار واشنطن الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل" بأنه "باطل قانونيًا" بسبب انتهاكه لقرارات الأمم المتحدة.
وأعربت الخارجية عن أسفها لاستخدام الفيتو ضد مشروع القرار مقابل موافقة 14 دولة.
وقالت إن "استخدام الولايات المتحدة للفيتو ضد مشروع القرار المذكور المعد مع مراعاة القانون الدولي والشرعية، ويدعو كافة الدول إلى الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي المعنية المتعلقة بالقدس، يظهر مجددًا فقدان تلك الدولة للحيادية".
وأشارت الخارجية إلى أن "بقاء الولايات المتحدة وحيدة في التصويت يعتبر أقوى مؤشر ملموس على عدم مشروعية قرارها حول القدس".
وأكّدت على أنه "من غير المقبول جعل مجلس الأمن الدولي عاجزًا إزاء انتهاك إرادة المجتمع الدولي في قضية سيكون لها انعكاسات على السلام والاستقرار الإقليميين".
من جانبه، رفض لبنان استخدام أمريكا للفيتو، داعيًا إلى بروز وسطاء جدد فاعلين ويتمتعون بالنزاهة، يمكنهم قيادة السلام العادل والشامل، حتى لا تسقط المنطقة في الحروب.
وقال الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، "إن للقدس وضعًا دوليًا خاصًا وفق قرارات الأمم المتحدة، ولا يحق للولايات المتحدة الأميركية وحدها أن تلغي قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة".
إرهاب وتحدي للعالم
من جهته، اعتبر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي، أن استخدام أمريكا "الفيتو" ضد مشروع القدس "إرهابًا وتحديًا لدول العالم أجمع".
وفي حسابه على "تويتر" قال القرة داغي: "اجتمع 15 من أعضاء مجلس الأمن ووافق 14 على قرار القدس ورفضه عضو واحد (أمريكا) فسقط القرار!!".
وتساءل: "أليس هذا إرهابًا واستخفافًا وتحديًا لرغبات كل دول العالم مجتمعة ؟!".
من جانبها، أعربت مصر عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرارها حول القدس عقب استخدام واشنطن "الفيتو".
واستنكر وكيل الأزهر عباس شومان استخدام الولايات المتحدة «الفيتو»، وقال: ستبقى القدس عربية عاصمة لفلسطين رغم أنف ترمب".
وأكد أن "الفيتو" يثبت للعالم استبداد أميركا التي رضيت أن تكون خصمًا، لتؤكد خروجها بشكل نهائي وتحيّزها للباطل.
أما المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة ميتيو رايكروفت، فأكد رفض بلاده لاستخدام "الفيتو"، مؤكدًا بالقول "إن شرقي القدس ستبقى جزءاً من الأراضي الفلسطينية، وأن بلاده لن تقوم بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس".
وأضاف في كلمته بعد التصويت أن "وضع القدس يجب أن يحدد بمفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
ووصف السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، دفاع المندوبة الأمريكية نيكي هايلي، عن استخدام "الفيتو" لعرقلة مشروع قرار بشأن القدس في مجلس الأمن "بالمهزلة".
وهذه هي المرة السادسة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض ضد مشاريع قوانين حول القدس، والمرة الـ 43 ضد مشاريع قرارات تخص القضية الفلسطينية وأزمة الشرق الأوسط.
وكانت المرة الأولى التي تستخدم فيها الفيتو ضد القدس في 25 مارس/ آذار عام 1976، وأحبطت فيه مشروعًا يدعو "إسرائيل" للالتزام بحماية الأماكن المقدسة، وحصلت المرة الثانية في 20 أبريل/ نيسان عام 1982، ضد مشروع قرار يدين العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى.
أما المرة الثالثة في 30 يناير/ كانون الثاني عام 1986، ضد مشروع قرار يدين الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، ورفض اعتبار القدس "عاصمة لإسرائيل"، ويدعوها للالتزام بحماية المقدسات الإسلامية. وجاءت المرة الرابعة في 17 مارس/ آذار عام 1995، ضد مشروع قرار يطالب "إسرائيل" بوقف قرار مصادرة أراضٍ في شرقي القدس، والمرة الخامسة فكانت في 18 مارس/آذار عام 2011، ضد مشروع قرار يدين عمليات الاستيطان منذ عام 1967 في الضفة الغربية والقدس ويعتبرها غير شرعية.