توافق اليوم الذكرى التاسعة لاستشهاد العالم المجاهد الشيخ الشهيد نزار ريان، بعد استهداف بيته، خلال معركة الفرقان، فارتقى شهيداً مع زوجاته الأربعة وأبنائه وأحد عشر من أبنائه، رجل أعد الزاد ومضى راكباً في قافلة الدعاة المجاهدين، حتى ترجل فارساً وارتقى في الخالدين فكان الابتداء طيباً والمسير مباركاً والختام معطراً ونعم السبيل المستقيم.
حياته
نزار عبد القادر ريان ولد في مخيم جباليا عام 1959م، تعود أصول أسرته إلى قرية نعليا إحدى قرى مدينة المجدل عسقلان، حيث كان دائماً يعرف عن نفسه لطلابه الجامعيين بأنه نزار عبد القادر ريان العسقلاني النعلواني الفلسطيني.
تلقى تعليمه الأكاديمي في السعودية والأردن والسودان، وحصل على شهادة البكالوريوس في أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1982، ثم حصل على شهادة الماجستير من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية بعمّان عام 1990 بتقدير ممتاز، وبعد ذلك حصل على شهادة الدكتوراه في الحديث الشريف من جامعة القرآن الكريم بالسودان عام 1994.
عمل أستاذاً في قسم الحديث بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة، ودرس من عدة من مشايخ الجهاد أمثال عبد الله عزام وسعيد الحوا، وهو متزوج من أربعة نساء، بينهما أرملتان ومطلقة، وأنجب 15 ولداً وبنتاً.
عالما وقائدا
كان شيخنا رحمه الله من أبرز القادة الذين يسطرون بعملهم وجهادهم قبل كلماتهم ودعوتهم، فكان فارس البندقية وفارس الدعوة في آن واحد، وبرز بشكل قوي منذ بداية الانتفاضة.
فبرغم انشغاله في مكتبته الضخمة بالبحوث الهامة، والتي كان يقضي الكثير من وقته فيها، ورغم عمله بالسياسة، فلم يكن العالم الدكتور نزار رهين علمه كما حال الكثير من العلماء، فقد كان قائداً عظيماً في ميادين الجهاد.
فهو القائد الذي خرِّج الاستشهاديين، ولم يتخل عن مكانه بين صفوف المجاهدين، فكان من أبرز القيادات "السياسية" لحركة حماس"، وعضو هيأتها الشرعية، الذي شجع على العمليات الاستشهادية داخل الأراضي المحتلة، وأرسل إليها ابنه إبراهيم 17 عاماً، ليكون قدوة لبقية الفلسطينيين الذين يرزحون تحت ظلم الاحتلال الصهيوني وجبروته منذ عام 1948م.
رابط على الثغور وتفقد مواطن الرباط، وساعد المرابطين، وساندهم عند أي اجتياح صهيوني، ففي أيام الغضب كانت له صولات وجولات في هذه المعركة التي انتهت باندحار الصهاينة عن شمال غزة، رافعاً الروح المعنوية للمجاهدين، غير عابئ بتهديدات جيش الاحتلال له.
قاد ما بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة حملة شعبية منظمة هدفت إلى حماية بيوت المجاهدين من القصف بالصواريخ التي انتهجها الاحتلال لإثارة الرعب بين صفوف الفلسطينيين، فقد ابتدع سياسة "الدروع البشرية"، التي تصدت لطائرات الاحتلال، عبر تشكيل دروع بشرية، وكان يصعد مع مئات المواطنين إلى أسطح البنايات مرددين التكبيرات في تحدٍ واضح لطائرات الاحتلال.
رافق قائد ومؤسس كتائب القسام الشيخ صلاح شحادة، والذي أوصى بأن يغسله ويلحده شخصان أحدهما الدكتور نزار، فقارع المحتل منذ الصغر، واعتقل نحو أربع مرات، عدا عن اعتقاله لدى أجهزة الأمن الفلسطينية.
استشهاده
غارة جوية نفذتها الطائرات الصهيونية التي صبت الحمم على بيت الشيخ نزار لينال الشهادة مع نسائه وأبنائه، في مجزرة دموية هزت الصخر الجلمود وأوجدت فيه إحساساً وشعورا.
ففي الأول من يناير عام 2009م، عصر يوم الخميس خلال معركة الفرقان، قرر العدو قصف بيت الدكتور نزار ريان، لكنه رفض الخروج، كيف لا وهو الذي كان يقف على أسطح بيوت المجاهدين لحمايتها، ليبقى الشيخ في منزله حتى قصفه العدو المجرم واستشهد مع زوجاته الأربع وأحد عشر من أبنائه.
مضى الشيخ ريان شهيداً، وقد قضى الكثير من حياته مرابطاً في سبيل الله عز وجل، حاملاً سلاحه راسماً النموذج الفريد الذي زاوج فيه بين العلم والدعوة إلى الله، وبين الجهاد والمقاومة والعمل السياسي، ليواصل مسيرته تلاميذه من أهل العلم والمجاهدين على ذات المنهج وذات الطريق.