بدأت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" باتخاذ قرارات "احترازية" قلصت بموجبها بعض المنح المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
وتفاجأ موظف "الأونروا" أبو خالد الذي يعمل في أحد مراكز توزيع المعونات الإغاثية، من خصم 140 دولارًا من راتبه الشهر الماضي، بعد وقف الساعات الإضافية عنه.
ويحيط القلق بالموظف أبو خالد من القادم، في ظل ما يُقال عن تقليصات كبيرة في المعونات التي تقدمها "الأونروا" وأزمات ستطال الرواتب في قادم الأيام.
في حين، يستعد المعلم فايز محمد لإنهاء خدمته في "الأونروا" بعد أن تراجعت إدارة الوكالة عن تمديد عامين إضافيين له، وفق ما وقّع على ذلك مسبقاً، وقال فايز: "الإدارة أبلغتني بوقف تمديد عامين إضافيين بسبب الأزمة المالية، لذلك سأتقاعد عن العمل بعد شهرين".
وذكر رياض زيغان رئيس الاتحاد العام لموظفي الاونروا بالأردن، أن إدارة الوكالة أصدرت قراراً بوقف مئات العمال الذين يعملون على بند "المياومة" في نطاق عملياتها الخمسة.
وأفاد زيغان لـ"الرسالة نت" أنّ الاتحاد لم يبلغ رسميًا من إدارة الوكالة بأي قرار يتعلق بصرف نصف راتب لموظفيها، وتابع مستدركًا: "في كل الأحوال هناك تخوفات قائمة ونتمنى أن يتم تجاوز هذه المسألة".
بدوره، قال رئيس اتحاد الموظفين في غزة أمير المسحال: "إنّ مدير المالية في الاتحاد بالأردن أصدر قرارًا بتقليص بعض عمال المياومة في غزة الذين يعملون لعدة أيام بشكل احترازي إلى حين الانتهاء من الأزمة المالية".
وأضاف المسحال لـ"الرسالة نت" أنّ سياسة التقشف التي أعلنت عنها الأونروا هي لبعض المهام المحددة، ولن تمس الموظفين أو الأطباء لهذه اللحظة.
وذكر أن رئيس عمليات الأونروا لم يبلغ أحدًا بأن هناك نقصًا في راتب الشهر المقبل، وإنما قال "نتمنى ألا تجري خصومات".
وفي وقت سابق، أكدت الأونروا التزامها باستمرار خدماتها للاجئين الفلسطينيين دون تأثر باحتمال وقف الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لها.
وقال الناطق الرسمي باسم الوكالة سامي مشعشع في بيان: إن "الوكالة وبالرغم من أي إجراءات تقشفية فهي مستمرة وملتزمة بمواصلة خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين، وهذا الالتزام لن يتأثر بأي نية للولايات المتحدة حجب المساعدات عن الوكالة من عدمه".
وأضاف أن من إجمالي ميزانية أونروا (العادية وميزانية الطوارئ وميزانية المشاريع) التي تبلغ قيمتها الاجمالية مليار و300 مليون دولار أمريكي، تتبرع الولايات المتحدة لصالحها بمبلغ 300 مليون.
وأوضح أنه حتى وإن لم تترجم التعهدات المالية الأمريكية هذا العام إلى واقع "فإن أونروا لن تترك لاجئي فلسطين لوحدهم وستستمر على رأس عملها في سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى تواجدها وخدماتها في شرق القدس".
من جهته، قال نائب المسؤول السياسي بحماس في لبنان جهاد طه: "إنّ الأونروا بدأت تترجم عمليًا قرارات التقليص في لبنان من خلال القرارات التي اتخذها مفوض العمليات بوقف التوظيف في المؤسسات التعليمية ووقف بعض المساعدات التي تقدم للمرضى في الملف الطبي".
وأوضح طه لـ"الرسالة نت" أن "سياسة التقشف التي بدأت الأونروا باتخاذها قد تصل إلى مرحلة التصفية الكاملة لدور المؤسسة، متهماً واشنطن بالسعي إلى القضاء على هذه المؤسسة الدولية "لقتل الشاهد الحي على قضية اللجوء".
وكان وزير التنمية الاجتماعية الأردني السابق وجيه عزايزة قال: "إن قرار واشنطن بتجميد مساعداتها لميزانية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" سيؤثر على ربع ميزانيتها السنوية في مناطق عملياتها الخمسة".
وأوضح عزايزة في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" أن القرار سيؤثر على تخفيض في إجمالي ميزانية الأونروا بشقيها الموازنتين العادية والطارئة بنسبة تصل ما بين (33-35%) تقريبًا.
وتقدم أونروا خدماتها لأكثر من خمسة ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لديها في خمسة مناطق عمليات رئيسة هي قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
وأعلنت واشنطن، عن تجميد مساعداتها المرصودة لميزانية الأونروا هذا العام والمقدرة بـ365 مليون دولار.
وقد أصدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بيانًا صحفيًا على لسان المفوض العام للأونروا بيير كرينبول، أكدت فيه على أن تجميد واشنطن الدعم المقدم للوكالة سيضر بخدماتها للاجئين الفلسطينيين.
وأكدت الوكالة على أن هناك خطرًا في حصول 525,000 طالب وطالبة في 700 مدرسة للأونروا على التعليم ومستقبلهم، ويدخل في دائرة الخطر أيضاً كرامة وأمان الملايين من لاجئي فلسطين والذين هم بحاجةٍ إلى المساعدات الغذائية الطارئة وأشكال الدعم الأخرى في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ناهيكم عن المخاطر المتعلقة بحصول اللاجئين على الرعاية الصحية الأولية بما في ذلك الرعاية لما قبل الولادة والخدمات الأخرى المنقذة للحياة.
وشددت الأونروا على لسان مفوضها العام على أن تقليص الدعم الامريكي سيؤثر أيضًا على الأمن الإقليمي في وقت يشهد عديدًا من المخاطر والتهديدات في منطقة الشرق الأوسط وخاصة ذلك الخطر المتمثل في ازدياد التطرف.
وعلاوة على ذلك، فلطالما أشادت الحكومة الأمريكية بعملنا الذي يتسم بالشفافية والمساءلة والفعالية في إحداث الأثر المرغوب، وهذا ما تم التأكيد عليه مراراً وتكراراً خلال زيارتي الأخيرة إلى واشنطن في تشرين الثاني 2017 عندما عبر كبار المسؤولين الأمريكيين عن احترامهم لدور الأونروا ولإدارتها القوية لعملياتها.
ودعا المفوض العام للأونروا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ موقفٍ والانضمام للأونروا في رسالتها للاجئي فلسطين بأن حقوقهم ومستقبلهم تحظى بقدر كبير من الأهمية.
كما دعا كرينبول الدول المضيفة والمانحين إلى الالتفاف تأييداً للوكالة والانضمام لها في خلق مبادرات وتحالفات تمويل جديدة لضمان أن يستمر الطلاب من اللاجئين الفلسطينيين بالحصول على التعليم في مدارسها والحفاظ على كرامة لاجئي فلسطين وأطفالهم وعائلاتهم من خلال جميع خدماتنا.
ودعا كرينبول جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة في كل مكان في العالم حيث تتجلى الشراكة والتضامن مع لاجئي فلسطين للانضمام لها والاستجابة لهذه الأزمة عبر التبرع للأونروا لضمان أن يتمكن الأولاد والبنات من لاجئي فلسطين من الاستمرار أقوياء.
فيما ستطلق الوكالة حملة تبرعات عالمية خلال الأيام القليلة القادمة لتشكل تمثيلاً وإطاراً للالتزام الشامل في الحفاظ على مدارسها وعياداتنا مفتوحة خلال العام 2018 وما بعده.