بعدما حرمهم الاحتلال الوصول إليها طيلة 12 عام

مزارعو رفح ينثرون القمح في أراضيهم الحدودية!

مزارعين رفح
مزارعين رفح

غزة-محمد شاهين

على وجه السرعة وفور صدور القرار، حمل المزارع يوسف الدباري وأبناؤه الثلاثة بذور القمح، وذهبوا مسرعين لنثرها في أراضيهم الزراعية التي منعهم الاحتلال "الإسرائيلي" من دخولها منذ بدء الحصار الخانق على قطاع غزة عام 2006.

الاثنين الماضي، رفعت سلطات الاحتلال الحظر عن مئات الدونمات الزراعية بمنطقتي الشوكة والفخاري شرق جنوبي قطاع غزة، وتحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليطأ مئات المزارعين أراضيهم التي كانوا يكتفون بمشاهدتها من بعيد منذ 12 عاماً.

وبالرغم من الفرحة التي تركتها عودة الدباري ومئات المزارعين إلى أرضهم، إلا أنها بقيت منقوصة، بعد اشتراط الاحتلال زراعتها بمحاصيل بعلية لا يزيد ارتفاعها عن 70 سم، ومنع غرس الأشجار المثمرة بشكلٍ قاطع.

يقول المزارع الدباري المعيل لستة أبناء، "قبل أن تمنعنا قوة البطش "الإسرائيلية" من الدخول إلى الأرض التي ورثناها عن أجدادنا عام 2006 كانت مملوءة بأشجار الزيتون والبرتقال والتين المعمرة لتتعرض بعدها للتجريف الكامل من جرافات الاحتلال وتغدو أثرا بعد عين".

ويضيف "للرسالة"، "ريحة البر ولا عدمه، بالرغم من أن زراعتنا ستقتصر على القمح والمزروعات البسيطة، إلا أنها قد تحسن من ظروفنا الاقتصادية المتردية"، موضحاً أن العودة إلى أرضه التي تعلق بها منذ الطفولة كان بمثابة الحلم.

وكان الاحتلال "الإسرائيلي" حظر على المزارعين عام 2006 الدخول إلى أراضيهم التي تبعد 300 متر من السياج الفاصل بين الحدود الشرقية لقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48، ليعيش عدد كبير من مزارعي قطاع غزة ظروفاً إنسانية متدهورة بعد انقطاع وصولهم إلى مصادر رزقهم.

وباشر المزارعون نثر حبوب القمح داخل أراضيهم التي حفظوها جيداً، عاقدين العزم على إعادة الخضرة إليها، بعد أن تركتها آلة الهدم "الإسرائيلية" كالصحراء.

ويطالب أحمد النجار، أحد المزارعين العائدين إلى أرضهم، المؤسسات والمنظمات الدولية والحقوقية، بتوفير الحماية لهم من رصاص الاحتلال الذي يطلق بصورة يومية على الرغم من تواجدهم بمناطق أبعد عن الحدود من التي سمح لهم بالعودة إليها، ما يجعل عودتهم محفوفة بالمخاطر القاتلة.

ويرى النجار في حديث مع "الرسالة" أنه من واجب وزارة الزراعة والجهات المحلية والدولية، تعزيز بقائهم وتمسكهم بهذه الأراضي الحدودية التي لطالما سعت سلطات الاحتلال لنزعهم منها، مطالباً بتوفير المعدات الزراعية الضرورية وشبكات ومياه الري ليتمكن المزارعون من إحياء أراضيهم بمحاصيل متجددة كالبطاطا والبندورة وغيرها التي تنعش ظروفهم الاقتصادية المتردية.

ويبين ذو الخمسين عاماً، أنه اضطر طيلة الـ 12 عاماً الماضية، إلى استئجار أرض كبيرة وزراعتها بمبالغ مالية كبيرة، إلا أن العودة إلى أرضه الأساسية ستساعده في الخروج من الأزمة التي لطالما أثقلت عليه، مشدداً على ضرورة تحقيق مطالبهم ومساعدتهم في إعادة تأهيلها خلال الفترة القليلة المقبلة.

جهود مضنية

بدوره، أكد أسامة المخللاتي، المسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن لجنته تبذل جهودا مضنية، لإعادة تأهيل وإصلاح الأراضي الزراعية من السياج الحدودي، لما لها من دور هام في تأمين السلة الغذائية لمواطني قطاع غزة.

وكشف المخللاتي، بأن اللجنة أعادت تأهيل وإصلاح أكثر من 1400 دونم بمنطقتي الفخاري والشوكة، من الأراضي الزراعية الملاصقة للحدود، وتمكنت من إنجاز ضعف هذه المساحات خلال العام 2015 بمناطق مختلفة من القطاع.

ويرى المسؤول في الصليب الأحمر، أن الأراضي الحدودية تشكل مستقبل غزة الزراعي، مع تزايد الرقعة العمرانية للمواطنين، وتقليص الزراعة في المناطق الداخلية، منوهاً أن القطاع يفقد مساحات زراعية كبيرة، لأسباب عمرانية.

وأشار في نهاية حديثه، إلى أن الصليب الأحمر، يعمل على تمشيط الأراضي من الأجسام المشبوهة ومخلفات الاجتياحات والعمليات العسكرية، ومن ثم يعيد تأهيلها من خلال تسويتها وتسميدها لإتاحة زراعة القمح وعدد من المحاصيل الزراعية.

البث المباشر