قائد الطوفان قائد الطوفان

مزارعو غزة.. الاحتلال يحصد أرواحهم من أراضيهم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الرسالة نت - محمود فودة

لم يكتفِ الحاج محمد أبو جامع بترديد القول الفلسطيني "أننا نروي الأرض بدمائنا"، بل كان فعلا منه مرتين، الأولى حينما صبّ العرق في فلاحة أرضه التي تجاور الأرض المحتلة رغم مضايقات الاحتلال اليومية، والثانية حينما سال دمه برصاص المحتل بينما كان يزرعها.

وبحسب وزارة الصحة فإن المزارع الفلسطيني محمد أبو جامع (59 عاما) استشهد، متأثرا بجراحه التي أصيب بها الثلاثاء الماضي برصاص الاحتلال شرق مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، وقد أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي على المزارع الفلسطيني أثناء العمل في أرضه التي تقع بجوار الشريط الحدودي.

ومن الشرق للغرب، لا تفلت لقمة العيش من أن تغمس بالدم، فقبل أيام استشهد الصياد الفلسطيني إسماعيل أبو ريالة إثر إطلاق قوات الاحتلال النار عليه وهو على قاربه قبالة شواطئ غزة، ليغسل الأسماك التي اصطادها ليقتات أهله بالدم.

وفي تفاصيل استشهاد الحاج أبو جامع الذي يعتبر احد أعيان المنطقة الشرقية بخانيونس، قال المزارع أبو احمد قديح لـ"الرسالة" إن الحاج أبو جامع اعتاد فلاحة أرضه وزراعتها في كل موسم، وهي تقع على بعد مئات الأمتار من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وأراضينا المحتلة، ويعرفه كل مزارعو المنطقة منذ سنوات طويلة.

وأضاف قديح أن قوات الاحتلال أطلقت النار صوب الحاج أبو جامع دون مبرر، أو أن يقترب من الحدود، مؤكدا أن الاحتلال أراد أن يوصل رسالة بقتله لزميلنا الحاج محمد بأن زراعة الأرض القريبة من الحدود ستبقى محفوفة بالمخاطر بل الموت المحقق في أي لحظة.

ويشار إلى أن قوات الاحتلال تستهدف بشكل شبه يومي المزارعين على حدود قطاع غزة من رفح وحتى بيت لاهيا شمال القطاع، فيما بدأ المزارعون في فلاحة أرضهم القريبة من الحدود بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تلا العدوان الإسرائيلي عام 2012، وذلك بتنسيق كامل مع الصليب الأحمر الدولي.

ولم يشفع للحاج محمد وجود والدته المسنة معه، والتي ذكرت لـ "الرسالة" إنها كانت تجمع برفقة ولدها محمد الأعشاب الزائدة بعدما نمت في الأرض عقب موسم الأمطار، خوفا من تأثيرها على بقية المزروعات، وتضيف: " حكيت لولدي محمد حروح أجيب الغذاء وأرجع، مشيت مسافة 70 مترا، سمعت صوت طلق ناري، لفيت وجهي أقوله غرّب يا محمد، لقيته مرتمي على الأرض بعد إصابته بالرصاصة".

في ذات الوقت الذي أطلقت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي النار صوب الحاج أبو جامع، كانت "الرسالة" ترافق المزارعين في منطقة عبسان الكبيرة المجاورة لبلدة خزاعة التي ارتقى فيها المزارع الشهيد، لتنقل المعاناة التي يعيشونها في ظل الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لهم منذ سنوات.

وقبيل مواراة الشهيد المزارع لمثواه الأخيرة، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترش مزروعات المواطنين شرق مدينة غزة بالمبيدات الضارة، مما سيؤدي حتما إلى إتلافها بشكل كامل في غضون أيام.

وقال المزارع أبو السعيد في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إن طائرات الاحتلال رشت منطقة شرق غزة بدءًا من الوادي وحتى مقبرة الشهداء بكميات من الأدوية التي ستؤدي إلى اتلاف مئات الدونمات من الأراضي الزراعية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأضاف أبو السعيد انه بسبب ارتفاع الهواء لطبقات عليا خلال هذه الأيام سيصل المفعول السلبي للمبيدات التي ترش إلى مناطق زراعية غير حدودية، وستمتد لتصيب المئات من الدونمات التي لا تجاور الحدود، مما سينعكس على كمية المحصول الزراعي هذه الفترة.

ودعا كافة الجهات المعنية وخصوصا الصليب الأحمر إلى ضرورة التحرك الفوري لإيقاف اعتداءات الاحتلال على المزارعين سواء بإطلاق النار صوبهم كما حدث مع الحاج محمد أبو جامع، أو برش المبيدات الضارة على مزروعاتهم، وكذلك تجريف الأراضي الزراعية المجاورة للحدود بشكل مستمر بين الفينة والأخرى.

وفي المقابل، حمّلت الفصائل الفلسطينية بغزة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة على حياة المزارعين الذين يعملون في أراضيهم شرق قطاع غزة، مشيرةً إلى أن جريمة قتل الحاج أبو جامع تضاف إلى فاتورة الحساب التي ازدادت للاحتلال الإسرائيلي، والذي ما زال يلاحق المحاصرين الذين يبحثون عن لقمة العيش في قطاع غزة.

 

 

 

البث المباشر