في المساحة المخصصة لمستخدم الفيس بوك "بم تفكر"، ارتأى الأسير المحرر "ثامر سباعنة" أن ينقل آلام الأسرى الفلسطينيين الذين عاش معهم، والتقاهم في زنازين الظلم الإسرائيلي.
كلمسة وفاء لرفقاء المحنة الذين تجرع معهم من كأس معاناة الأسر، يعتبر "سباعنة" إعلام الناس عن معاناة الأسرى، وعن ولحظات شوقهم، كما جراحاتهم في بعدهم عن ذويهم، وعن ذلك يحكي: " فكرة كنت معهم بالأسر بدأتها منذ الاعتقال الأول عام ٢٠٠٠ حيث لاحظت ضعف التغطية الإعلامية لقضية الأسرى وقلة الاهتمام بعذاباتهم".
كما كانت الفكرة نوعًا من التذكير بقضيتهم والسعي إلى أكبر تضامن وتفاعل معهم، يقول: "أنشأنا أنا ومجموعة من الشباب في الأردن أول مجموعة على الفيس بوك تعنى بالأسرى وكانت تدعى "أخبار الأسرى" واستطعنا إيصال ملف الأسرى وكان يتابعها الآلاف من الناس".
لم ينس "سباعنة" رسالة وصلته ذات مرة من شاب جزائري كان يتابع كتاباته عن الأسرى، حين قال له: "لأول مرة أعرف أن هناك أسيرات فلسطينيات"! ويسترسل قائلًا: "هذا طبعًا من وجهة نظري من تقصيرنا نحن الفلسطينيون تجاه قضاياهم فنفذنا أنا ومجموعة من الشباب أنشطة وفعاليات في سوريا ولبنان واليمن وإيطاليا وتونس والأردن".
ويشعر "سباعنة" أحيانًا كما يحكي بتفاعل كبير وواسع من الناس مع بعض الأسرى، ولعل ذلك يعود إلى شهرة هذا الأسير أو ذاك، لكن في الواقع هناك مئات القصص المؤلمة والقوية للأسرى ولكن نخفق نحن بنقلها للناس".
حكاية الخمس وأربعين دقيقة كانت أبرز الحكايا التي أثرت على ثامر، فراح يسردها عبر السلسلة، حيث اللقاء بين الأسير عبدالله البرغوثي وأبنائه الثلاثة بعد فترة كبيرة من العزل الانفرادي.
"كان لقاء تعارف" بحزن كبير يقول "سباعنة" حين قاده الوجع بقلبه إلى رواية قصة اللقاء هذا، حيث مشاعر الأب التي لا توصف، يحكي: " كانت معنوياته عالية في عنان السماء، وسعادته لا تصفها الأبجديات للقائه بهم خاصة طفلته الصغيرة صفاء التي تركها وهي لم تتعدَّ ثلاثة أشهر فقط".
"احكولي يا بابا شو محتاجين؟ شو بدكم أجيبلكم"، بلهفة كبيرة كان يقول البرغوتي لأبنائه، في محاولة منه لكسر الحاجز بينه وبينهم، ليطلب كل واحد منهم طلبًا طفوليًا.
فرغم الجدار الزجاجي الفاصل بينهم والذي رأوه جدارًا كبيرًا، إلا أن دفء العاطفة وعمق الشوق أذاب كل الحواجز بينهم، يكمل "سباعنة": "يومها أوصل البرغوثي رسالة الحب من الأب لأبنائه ومن الأبناء لأبيهم".
يسرد "سباعنة" ما حدث من لحظات صعبة يوم الاعتقال، بعد أن نبشت هذه الزيارة ذكريات البرغوثي وأولاده وراح يسرد لهم في ليل الزنازين المظلمة.
ففي الخامس من آذار 2003، خرج إلى إحدى مستشفيات رام الله، بعد أن أسرع صباحًا إلى معالجة تالا" 3.5 سنوات " في حينها، عندما فوجئ بالقوات الخاصة تكبل يديه، فقد نسي لوهلة أنه عبد الله البرغوثي المطلوب الأول لـ(إسرائيل)، وتذكر أن طفلته وحيدة ستظل في الشارع، ألقوا به في سيارة عسكرية، وتركت الصغيرة على الرصيف في صدمة وبكاء مرير.
"الشحرور _التحرير_ حزن عميق وفرح كبير" هكذا ختم "سباعنة" حديثه مع "الرسالة"، حيث يرى أن يوم الحرية يمتزج به الفرح بالحزن، فالفرح للحرية والعودة للأهل والأحبة يكون حاضرًا، تمامًا كما الوجع لتركه إخوانه الأسرى خلفه بين القيد والسجان. ويتابع: "هناك كثير من الأسرى ذرفوا الدموع على باب السجن يوم حريتهم بل وبكوا بكاء شديدًا".