يبدو أن الاحتلال يحاول الضغط بشتى الوسائل على المقاومة من أجل دفعها للإسراع بعقد صفقة تبادل للأسرى؛ معتقدا أن شرعنة مشروع قانون منع إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين وربطهم بالأسرى الإسرائيليين، سيحقق له ذلك.
وصادقت اللجنة الوزارية المعنية بالتشريع في الكنيست (الإسرائيلي)، على مشروع قانون لمنع إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين.
وأوضحت القناة العبرية السابعة أن المشروع اقترحه عضو البرلمان اليهودى بتسلائيل سموتريتش وعضو الكنيست عوديد فورير من (إسرائيل بيتنا) وطبقا لمشروع قانون الأخير فإن "إسرائيل" ستتوقف عن إعادة جثامين الشهداء؛ طالما أن هناك إسرائيليين أو جثث إسرائيليين ما زالوا محتجزين لدى منظمات معادية، وفق تعبيره.
ووفقا لمشروع قانون سموتريتش فإن جنازات الشهداء تحولت إلى أعمال "تحريض" تشجع على "العنف"، ولا بد من سن تشريع إضافي يحظر ذكر ذلك صراحة، وأنه ينبغي دفن الشهداء في مقابر "لضحايا العدو" مع السماح لرئيس وزراء الاحتلال بأن يأمر بإعادة جثة أحدهم إلى أسرته لأسباب خاصة.
وتحاول حكومة الاحتلال من خلال شرعنة هذا القانون ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ إنه سيمتص غضب عائلات الجنود الأسرى، وسيتيح المجال لكسب ود الجمهور الإسرائيلي، فضلاً عن كونه سيمثل ضغطاً على المقاومة الفلسطينية ويدفعها للإسراع في عقد صفقة تبادل، وفق اعتقاد حكومة الاحتلال، بالإضافة إلى أنه سيمنع اشتعال المواجهات عقب دفن الشهداء.
وتتمسك حركة حماس بشرط إطلاق سراح محرري صفقة وفاء الأحرار الذين أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم قبل انخراطها بمفاوضات جديدة لإطلاق سراح الجنود الأسرى لديها منذ معركة العصف المأكول صيف 2014.
قوانين متطرفة
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي علاء خضر أن الحكومة الإسرائيلية تحاول شرعنة جملة من القوانين المتطرفة؛ لإرضاء الجهور المتطرف وكسب وده بالدرجة الأولى ومن ثمّ تحقيق غايات أخرى.
ويوضح خضر في حديثه لـ "الرسالة" أن شرعنة هذا القانون يهدف بشكل رئيسي إلى الضغط على المقاومة الفلسطينية من أجل التخفيف من شروطها والتنازل عن بعضها للوصول لصفقة تبادل، مشيراً إلى أن الحكومة تراجعت عن إعادة الشهداء الفلسطينيين بعد ضغط عائلة الجندي الأسير هدار جولدن عليها من أجل احتجاز الشهداء حتى إعادة ابنها الذي فُقد في الحرب الأخيرة على غزة.
وكانت عائلة جولدن تقدمت بشكوى للمحكمة الإسرائيلية العليا، مطالبة بوقف زيارات أهالي أسرى حركة حماس لذويهم، ومنع إعادة جثامين منفذي العمليات، حتى عودة ابنهم "هدار".
حالة ضغط
ويتفق الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله مع سابقه، منوها إلى أن شرعنة هذا القانون يهدف لتحقيق مسارين، أولهما إحداث حالة من الضغط على قيادة المقاومة وخاصة في ظل الحديث عن مساعي إسرائيلية لعقد صفقة تبادل أسرى.
وبيّن عطا الله في حديثه لـ "الرسالة" أن المسار الثاني يهدف إلى كسر مقاومة الفلسطينيين وفق الاعتقاد اليهودي بأن الشبان الفلسطينيين سيتراجعون عن أعمال المقاومة في حال علموا أنهم سيدفنون في مقابر الأرقام.
وأشار إلى أن شرعنة هذا القانون لن تجبر المقاومة على التنازل أو التراجع عن شروطها، أو تثني الفلسطينيين عن مواصلة مقاومتهم.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن مثل هذه القوانين لا يمكنها أن تغير من عقيدة المقاوم الفلسطيني الذي لا يبالي بمواجهة الموت في سبيل قضيته الوطنية حتى يفكر فيما سيؤول إليه جثمانه.