تاريخ عريق ما بين "وادي الليمون" وحدائق "شقائق النعمان"

صورة للمنطقة
صورة للمنطقة

غزة- ياسمين عنبر

ستارة في كنيسة دار العذراء تلفت انتباهك بمجرد أن تطأ أقدامك المكان، مرسوم عليها نجوم وصلبان قديمة، بينما تلحظ على جدران الكنيسة مقتنيات أثرية وحضارة عتيقة، يدلك عليها حجر قديم منقوش عليه باللغة الآرمية: "المسيحية لغة فلسطين في ذلك العصر".

معالم أثرية قديمة تتراءى أمام ناظري من يزور قرية "عابود" في رام الله، ما بين جنوب فلسطين وشمالها، لاسيما أنها زاخرة بالمعالم المسيحية، إذ يوجد بها تسع كنائس.

وادي الليمون الذي اشتهر بزراعة أشجار الحمضيات والرمان والتفاح العسيلي واحدة من المناطق التي تشهر بها قرية "عابود"، حيث أنشئ فيها مضخة كبيرة وخزانات مياه كبيرة كانت تزود القرى المجاورة بالمياه الصالحة للشرب كقرية اللبن وبيت ريما ودير أبو مشعل.

بوصف وادي الليمون بطبيعته الخلابة، بدأ سلمان عيد ابن القرية العشريني حديثه مع "الرسالة" حيث يقول: " منطقة وادي الليمون منطقة طبيعية تنتشر أشجار الليمون فيها على جنبات الوادي الذي هو عبارة عن مجموعة ينابيع موجودة في المنطقة كعين المغارة وعين القطان وعين الدلبي وعين علم".

عيد "بربارة" واحد من طقوس أهل القرية التي يمتازون بها، حيث يحتفلون به في السابع من كانون الأول كل عام، يحكي "عيد": "يحتفلون به نسبة إلى كنيسة القديسة بربارة في القرية والتي بنيت في أواخر القرن الرابع الميلادي".

وبعد الحديث عن منطقة وادي الليمون انتقل "عيد" إلى منطقة المقاطع الأثرية في الشمال الغربي للقرية، والتي سميت هكذا نسبة للقطع الصخرية الموجودة فيها، حيث كان الرومان قديماً يقطعون تلك الصخور ليصنعوا منها قبوراً صخرية، ويبنون الكنائس القديمة، عدا عن قطع الأحجار التي تنتشر فيها بطريقة هندسية جميلة يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي.

حيث إن "عابود" قرية تاريخية قديمة تعود إلى العهد الروماني، وتبعد 30كم عن مدينة رام الله، تعود إلى عصر الملكة هيلانة وابنها قسطنطين" يقول عيد.

 ويسترسل: "تشتهر القرية بموقعها الجبلي والمطل على الساحل، حيث كانت قديماً تتبع إلى لواء اللد والرملة، وتتميز بخصوبة تربتها الزراعية وأشجار الزيتون والليمون والعنب".

ولم يأت اسم "عابود" من فراغ، حيث ينسب اسمها إلى كثرة المعابد الموجودة فيها، ووجود نبي من العهد القديم اسمه النبي عبادية، وسميت نسبةً إلى اسمه.

كنيسة "المسيا" تعد أقدم الكنائس في القرية، بالإضافة إلى كنائس عدة ككنيسة الشعيرة، وكنيسة القديس ثيودوروس، وكنيسة القديسة بربارة، وكنيسة مار سمعان، وكنيسة القديسة إنسطاسيا، وكنيسة مارعوباديا، وكنيسة رقاد العذراء "العابودية"، ودير الكوكب أو دير مار الياس.

أما كنيسة رقاد العذراء "العابودية" فتعد أقدم الكنائس وأقدسها كما يقول "عيد"، فهي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، بنَتها الملكة هيلانة التي تعد بانية كنيستي المهد في مدينة بيت لحم، والقيامة في مدينة القدس.

رقاد العذراء هو اسم الكنيسة الثاني، نسبةً إلى سيدتنا مريم العذراء حيث كانت الكنيسة متصلة بحياة الناس، يكمل "عيد": "تعد أهم الكنائس التي بنيت في العصر البيزنطي".

يختم "عيد" حديثه بوصف حدائق شقائق النعمان التي تطل في منطقة بالقرية بشكل ساحر إضافة إلى النباتات التي لا تنمو إلا في قرية عابود كنبتة "لسان الحمل الكبير"، " والزعتر" ، ونبتة "غاشية" "وغاشية الليل".

 

البث المباشر