لم تكن المرأة الفلسطينية يومًا مجرد رقم في المجتمع الفلسطيني أو وسيلة للتسلية أو الترفيه، فقد كانت المرأة الفلسطينية ولا تزال رقمًا فاعلًا وأداة عاملة إلى جانب الرجل ولم تكن إلا نموذج للمرأة العاملة المكافحة المقاتلة المجاهدة الولادة للبطولة والإيثار.
إذا غاب الرجل الفلسطيني حملت فأسه ونزلت للبيدر حرثت أرضه وحمت دياره من عبث العابثين، وإذا انشغل الرجل عن حماية الولد والبيت حملت البندقية دفاعًا عنه في حال غاب الرجل، أو تبادلت معه الأدوار تركته للعمل وذهبت لميدان الجهاد لمقارعة الأعداء والزود عن الديار والمشاركة في بطولات سجلتها بالدماء.
كتف بكتف كانت المرأة ولا تزال مع الرجل في الحقل وفي المقارعة وفي التربية لجيل حفظ العهد وسار على طريق ذات الشوكة في ميدان الجهاد والمقاومة والحفاظ على الموروث الحضري والتاريخي في مجالات الحياة كافة فكانت المرأة عنوانًا للرقي والحضارة والبناء والكفاح، باعت حليها يوم أن طالبها الرجل بالمدد، يوم أن عز المال لشراء البندقية وتخلى العرب عن التحرير فباعت حليها الذي كان مهرها الذي به تزوجت وقدمته هدية لزوجها ليشتري به بندقية، نماذج مشرفة حتى يومنا هذا الذي نعيش.
يحتفلون بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار يوم أن تساوت بالرجل في الحقوق والواجبات وكانت المرأة الفلسطينية قد سبقت هذا العالم في مساواتها بالرجل فلم تبخل بالمال والجهد والعمل بل وتفوقت على الرجل رغم قوامته بأن كانت من تلد الأبطال وتقدم الشهداء وتعد المجاهدين وتستتر على المتخفين من عيون الاحتلال.
المرأة الفلسطينية تقدمت على هذا العالم الذي جاء متأخرًا ليجعل لها يومًا يحتفل به ليخرجها من الرق العصري ويعيد لها أنوثتها المفقودة في الغرب والشرق على حد سواء، يوم في العام تعطى المرأة فيه حقها فماذا بعد هذا اليوم المحتفى به والذي تحصل فيه المرأة والرجل على يوم للراحة وتقام الاحتفالات ومع نهايته تعود الأمور إلى سابق عهدها من الاضطهاد والتمييز والتفريق في المخصصات المالية العائدة من الوظائف.
ربما وجدت المرأة الأوروبية يومًا لها للهروب مما يحدث لها من رق عصري حضاري مختلف عن رق الجاهلية ولكنه متشابه به ولكن بطريق مختلف وبأدوات تتلاءم مع العصر الحديث، ولكن المرأة الفلسطينية نالت حريتها وحصلت على مكانتها أولًا من إسلامها ثم من مكانتها داخل المجتمع حيث إنه في بعض المجتمعات الفلسطينية للمرأة كلمتها المسموعة وفي بعضها لها مكانتها الاجتماعية وهي متقدمة سنوات طويلة عن نظيرتها الأوروبية وغير الأوروبية ممن يحتقرن من المجتمع وتباع المرأة وتشترى دون كرامة وفي سوق رخيصة.
المرأة الفلسطينية منذ قديم الزمان وهي تحارب وتقاتل وتزرع وتنجب وتضحي وتقدم، فكانت عنوانًا للحرية والكرامة، وفي نفس الوقت تتعرض للإجرام الصهيوني وللقتل الممنهج والاعتقال الدائم وللأحكام العالية ولا تجد من ينصفها أو يدافع عنها أو يعترض بأدوات فعليه على الإجرام الصهيوني، وفي نفس الوقت لم تكل ولم تمل وتدفع أثمانًا غالية من حياتها وتدفع عمرها وهي راضية محتسبة أمرها إلى الله، تعتقل هي وطفلها، يداهم بيتها يقتل ولدها وزوجها وأخاها أمام عينيها وتقتل هي أو تعتقل ولا تجد من يقول للظالم قف أو توقف ورغم ذلك تواصل وهي تعلم ما ينتظرها لأنها تريد الحياة بكرامة لها ولولدها وأهلها.
المرأة الفلسطينية قدمت نفسها فداء للوطن وقدمت زوجها وبقيت على ولده وولدها تحافظ وتربي وتغرس به معاني البطولة والفداء بل وتدفع به ليلحق بوالده أو شقيقه أو خاله أو عمه ولا تبالي لا بالموت ولا بالاعتقال وتصبر وتحتسب كل ذلك لله.
عاشت المرأة الفلسطينية في كل يوم والتي ترفض ترك أرضها وزوجها وولدها للبحث عن يوم يحتفى بها فيه ثم تهان، عاشت المرأة الفلسطينية التي تحتفي كل يوم بيوم من الحرية الكرامة والدفاع عن أرضه، عاشت المرأة الفلسطينية الشهيدة وأم الشهيد وزوج الشهيد وبنت الشهيد وأخت الشهيد.