يوافق اليوم الخميس، الذكرى الخامسة عشر لاستشهاد إبراهيم المقادمة أحد أبرز مفكري ومؤسسي حركة حماس، والذي اغتيل على يد قوات الاحتلال في الثامن من مارس/ آذار عام 2003.
ويعد المقادمة من أبرز القيادات السياسية في حركة حماس، ومن مؤسسي جناحها العسكري.
ولد الشهيد عام 1950 في مدينة غزة، وهاجرت عائلته من بلدة يبنا مع آلاف الفلسطينيين عام 48 بسبب العصابات الصهيونية الإرهابية، وعاش المقادمة في مخيم جباليا وتعلم في مدارس وكالة الغوث الدولية.
وحصل على الثانوية العامة والتحق بكلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المصرية، وتخرج منها طبيبا للأسنان، ثم انتقل للعيش في مخيم البريج وسط قطاع غزة، وهو متزوج وأب لسبعة من الأبناء.
وفور عودته إلى غزة التقى الدكتور المقادمة بالشيخ أحمد ياسين وعددًا من رفاقه، وأسّسوا لعمل تنظيم إسلامي، ترأسه الشيخ ياسين، فيما شغل الدكتور المقادمة مسؤولية الجهاز العسكري في هذا التنظيم، الذي اكتشفته قوات الاحتلال عام 1984.
واعتقل برفقة الشيخ أحمد ياسين، الذي أفرج عنه بعد تسعة شهور، خلال عملية تبادل للأسرى بين منظمة أحمد جبريل والاحتلال (الإسرائيلي)، فيما أمضى الدكتور المقادمة مدة محكوميته كاملة في السجن، وهي ثماني سنوات ونصف.
واندلعت الانتفاضة الأولى عام 1987 والدكتور المقادمة داخل المعتقل، حيث تم في بداية الانتفاضة تأسيس حركة "حماس"، وكان للمقادمة من داخل السجن توجيهات للحركة، وأفرج عنه في مطلع عام 1992.
وعمل الدكتور المقادمة طبيبا للأسنان في مستشفى الشفاء بغزة، ثم حصل على دورات في التصوير الإشعاعي، وأصبح أخصائي أشعة، وبعد اعتقاله في سجون السلطة فصل من عمله في وزارة الصحة وعمل طبيبا للأسنان في الجامعة الإسلامية بغزة.
وكان المقادمة من أشد المعارضين لاتفاق أوسلو، ورأى أن المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال والحصول على الدولة الفلسطينية، وإن كان ذلك سيؤدي إلى استشهاد نصف الشعب الفلسطيني.
ونشط الدكتور المقادمة في الفترة الأخيرة من حياته في المجال الدعوي والفكري لحركة حماس، وكان يقوم بإلقاء الدروس الدينية والسياسية والحركية وخاصة بين شباب الحركة وخاصة الجامعيين، وكان له حضور كبير.
ألّف الدكتور عدة كتب ودراسات في الأمن وهو داخل السجن وخارجه منها: معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، وكانت له دراسة حول الوضع السكاني في فلسطين وهي بعنوان "الصراع السكاني في فلسطين" كما كانت له عدة دراسات في المجال الأمني.
ويعد من أكثر الشخصيات القيادية في حركة حماس أخذا بالاحتياطيات الأمنية قليل الظهور أمام وسائل الإعلام، واستخدام أساليب مختلفة في التنكر والتمويه عبر تغيير الملابس والسيارات التي كان يستقلها وكذلك تغيير الطرق التي يسلكها، حتى عرف عنه أنه كان يقوم باستبدال السيارة في الرحلة الواحدة أكثر من مرة.
وفي صباح يوم السبت الثامن من مارس عام 2003 اغتالت قوات الإرهاب (الإسرائيلية) الدكتور المقادمة بإطلاق خمس صواريخ باتجاه سيارته التي كانت تسير في شارع اللبابيدي بالقرب من مقبرة الشيخ الرضوان بغزة، مما أدى إلى استشهاده وثلاثة من مرافقيه، وإصابة عدد من المارة وطلاب المدارس بجراح.
المعلقون العسكريون (الإسرائيليون) أجمعوا على أن الدور الكبير للشهيد القائد إبراهيم المقادمة ليس فقط في تأثيره القوي في نفوس حركة حماس والشعب الفلسطيني، بل لكونه أبرز مفكري الشعب الفلسطيني الذين نظروا لخيار المقاومة كخيار أخير وحيد واجب التعامل به مع الاحتلال، ودافع عن هذا الخيار حتى يومه الأخير.