شهدت الساحة الفتحاوية في قطاع غزة سجالاً جديداً بين قطبيها المتصارعين: تياري رئيس السلطة محمود عباس والمفصول من حركة فتح محمد دحلان، وذلك في ضوء تحضيرات الحركة قائمتها لخوض انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين دورة 2018 – 2021.
واضطرت قيادة فتح إلي إجراء الانتخابات الداخلية "البرايمرز" للمحامين الفتحاويين لاختيار ممثلي قائمة الحركة، وذلك بعد جملة من الاعتراضات وعجزها عن تكليف وفرض مرشحين بعينهم، حيث أفرزت النتائج ستة مرشحين من كافة الأقاليم أغلبهم من التيار المحسوب على دحلان، الأمر الذي من المتوقع أن يُفجر أزمة في حال عدم اعتمادهم وتبنيهم من قبل مركزية فتح ورئيسها محمود عباس.
تفرد وإقصاء فتحاوي
وسبق العملية الانتخابية الداخلية لفتح عديد من حالات التفرد والإقصاء الفتحاوي وفق متابعة "الرسالة"، وبدأت في محافظة رفح بمحاولة تمرير مرشح بعينه وإقصاء جميع من يفكر بالترشح للانتخابات، حيث نشرت كتلة محامو فتح في رفح بياناً صحفياً، استنكرت فيه ما حدث مع بعض المحامين خلال اختيار مرشح الحركة لانتخابات النقابة.
واعتبر المحامون أن ما حدث مخالف للنظام الأساسي لحركة فتح، حيث أعلن المكتب الحركي المركزي عن وجود برايمرز لحركة فتح يشمل جميع المحافظات، معتبرين أن ما قام به بعض أعضاء إقليم فتح في رفح والمكتب الحركي للمحامين برفح من تواطؤ في ظل عدم انعقاد للمكتب الحركي مسبقاً لدراسة الأمر مخالفا للقوانين والأعراف التي سارت عليها حركة فتح.
وذكر صلاح العويصي أحد الكوادر الفتحاوية المحسوبة على تيار دحلان لـ"الرسالة"، أنه جرت عمليات إقصاء واضحة بحق بعض المحامين المرشحين منهم المحامي "محمد نصار"، وذلك لدواعي أنهم محسوبون على التيار الإصلاحي الفتحاوي التابع لدحلان.
وأوضح أن البرايمرز جري في محافظات الشمال والوسطي وخانيونس ورفح ككتلة تصويتية واحدة أفرزت ثلاثة مرشحين، في حين أن محافظة غزة لوحدها جرى فيها اختيار ثلاثة مرشحين، مؤكداً أن أغلب المرشحين الفائزين في البرايمرز هم من المحسوبين على تيار دحلان أو المقربين منه.
ويعزو العويصي نجاح البرايمرز الفتحاوي للمحامين لكونهم لا يتلقون رواتب من السلطة برام الله، وبالتالي "هم خارج إطار الضغط النفسي والملاحقة في أرزاقهم كما هو حاصل الآن من قطع وخصومات لرواتب الموظفين العموميين والعسكريين التابعين للسلطة".
وشدد على أنه لا يستطيع أحد أن يلغي نتائج الانتخابات الداخلية للمحامين –البرايمرز الفتحاوي- وليس أمام قيادة فتح إلا أن تتبنى هؤلاء المرشحين وتعززهم وتضمن أن يكونوا ممثلين للحركة، لافتاً إلي أن المفوض العام لحركة فتح في غزة أحمد حلس، التقى المرشحين وتم الاتفاق معهم على أن يمثلوا الحركة في انتخابات نقابة المحامين.
بناء على رغبة القيادة!
من ناحيته، نفى جلال الشيخ عيد أمين سر حركة فتح في رفح، أن يكون الفائزون في البرايمرز الفتحاوي لنقابة المحامين يتبعون لتيار دحلان، عاداً أن الحديث المتداول حول تبعيتهم لهذا التيار "غير صحيح" وأنهم جميعا في النهاية "أولاد فتح"، وفق تعبيره.
وأشار شيخ العيد في حديثه لـ"الرسالة" إلي أن محامي الحركة كافة من شمال القطاع لجنوبه ترشحوا بموافقة أقاليمهم الفتحاوية، مشدداً على أن نجاحهم أو فوزهم ما كان ليتم إلا لرغبة قيادة أقاليمهم!
وأردف أنه طالما اتفقت حركة فتح على مرشحين وحتى لو جرى تكليفهم من قيادة الحركة وليس انتخابهم، فإن الجميع ملزم بدعمهم وانتخابهم، منوهاً إلى أن الأمر لا يخلو من "زعل" البعض في البداية، ولكن في النهاية لا يمكن الشذوذ عن هذه القاعدة في دعم وانتخاب مرشحي الحركة.
واستبعد شيخ العيد رفض مصادقة قيادة فتح العليا على قائمة المرشحين التي أفرزها البرايمرز الفتحاوي للمحامين في القطاع، زاعماً أن الاختلاف داخل حركته لا يمكن أن يتطور إلى الالتفاف على خيار القاعدة الفتحاوية.
وخلافاً لمن سبقه، ذكر عماد محسن القيادي في التيار الإصلاحي التابع لدحلان، أنه جرت العادة عدم اعتماد نتائج الانتخابات الداخلية إن لم تأت على مزاج عباس وأعضاء اللجنة المركزية أو الجهة المتسلطة على الحركة، مشيراً إلى أنه سبق في مرات عديدة أن ألغت قيادة فتح العليا الانتخابات الداخلية للأقاليم أو فرضت بالتعيين من تريد.
غير أن محسن أكد لـ"الرسالة" أن الجهات سالفة الذكر ألزمت نفسها هذه المرة باعتماد نتائج البرايمرز أياً كانت، معرباً عن خشيته من إسقاط مركزية فتح القائمة الفتحاوية المرشحة لخوض انتخابات المحامين.
ويرى محسن أن ما افرزه البرايمرز الفتحاوي يعبر عن المزاج العام للمحامين واتجاهاتهم نحو التغيير، وبالتالي "لا أظن أن أحداً يتجرأ بالتعدي على نتائج البرايمرز"، مبيناً أن أبناء التيار الإصلاحي لفتح خاضوا البرايمرز باعتبارهم جزء لا يتجزأ من الحركة ويسعون لاستعادتها من خاطفيها.
مشاركة بـ"منهجية خاصة"
وتتنافس في انتخابات نقابة المحامين كتل وتجمعات لفصائل أخرى منها الكتلة الإسلامية التابعة لحركة حماس، التي أكد رئيسها أديب الربعي، أن كتلته لها "منهجية خاصة" في حال خوضها لهذه الانتخابات ورشحت لهذا الغرض ثلاثة محامين من أعضائها، مشيراً إلى أن كتلته لن تشكل أية تحالفات، وأن الإعلان بشكل رسمي عن المشاركة أو المقاطعة سيتضح نهاية الأسبوع الجاري.
ولا يتوقع الربعي في حديثه لـ"الرسالة" أن تُقدم قيادة فتح على تأجيل أو إلغاء انتخابات نقابة المحامين لمجرد شكوكها بصعود تيار في داخلها على حساب آخر، وذلك لقناعة قيادة فتح أن المحامين المحسوبين على الكتلة الإسلامية محرومون من الترشح والاقتراع، بسبب اتجاههم للعمل في الوظيفة العمومية.
ولكن الربعي رجح أن تكون المعوقات ناتجة عن توجه بعض المحامين للمحكمة العليا للطعن في هذه الانتخابات وانعقادها، باعتبارها مخالفة للقانون واعتمادها يجري بمرسوم رئاسي صادر عن رئيس السلطة وهو أحد المستندات القانونية التي تقوم عليها الانتخابات.
وكانت حركة حماس اعتبرت أن نجاح انتخابات نقابة المحامين في غزة-الدورة السابقة-هو دليل على أجواء الحريات النقابية المتوفرة في القطاع، ودعت الحركة الى توفير ذات الأجواء للعمل النقابي في الضفة الغربية خاصة انتخابات الكتل الطلابية التي يتعرض قادتها للاعتقال والملاحقة الأمنية باستمرار.