يستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، في مدينة أنقرة، نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، في قمة ثلاثية بشأن سورية، يتوقع أن يتم التوصل فيها إلى تفاهمات جديدة بشأن الأوضاع هناك.
وتأتي أهمية القمة الثلاثية، من نوعية الملفات السورية التي ستكون مطروحة، بدءاً بالتطورات في محيط دمشق، وصولاً إلى الموقف الأميركي المستجد الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب بقرب انسحاب القوات الأميركية من سورية.
وتتزامن القمة، مع محاولة النظام السوري وروسيا، إنهاء ملف الغوطة الشرقية بريف دمشق، بتهجير مسلحي مدينة دوما، بعد الحديث عن اتفاق مع "جيش الإسلام" لا يزال الأخير ينفيه، يمهّد النظام ومعه موسكو للتوجّه نحو مناطق أخرى، وتحديداً القلمون الشرقي الذي بات مخيّراً بين الحرب أو "المصالحة".
ويتزامن ذلك مع تصعيد القصف على إدلب كما حصل، أمس الثلاثاء، وأدى لسقوط ضحايا مدنيين، وتركيز النظام على استهداف المراكز الطبية في تلك المنطقة.
وترعى موسكو وطهران الداعمتان للنظام السوري، وتركيا التي تساند فصائل المعارضة المسلحة، عملية أستانة التي سمحت خصوصاً بإقامة أربع مناطق "لخفض التصعيد" في سورية.
وعقد اللقاء الأخير بين قادة الدول الثلاث، حول الملف السوري، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، في سوتشي الروسية، وأفضى إلى "مؤتمر الحوار السوري" الذي باء بالفشل في المنتجع الروسي.
وعقد اجتماع بين كبار خبراء الدول الثلاث، أمس الثلاثاء، لإعداد الصیغة النهائیة لنص مسودة اجتماعي وزراء الخارجیة ورؤساء جمهوریة البلدان الثلاثة، اليوم الأربعاء.
وكانت وكالة "الأناضول" قد أفادت، بأنّه من المنتظر أن يتضمن البيان التأكيد على تطابق آراء الدول الثلاث حيال وقف انتهاكات وقف إطلاق النار بسورية، ووحدة أراضيها، وضرورة مواصلة وقف الاشتباكات.
الشمال السوري
وجدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، رغبته في سحب القوات الأميركية من سورية، مؤكداً أنّه سيتم اتخاذ قرار "بسرعة".
وينتشر حوالى ألفي جندي أميركي في سورية، في إطار مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، وسيسمح انسحاب أميركي بإطلاق يد تركيا وروسيا وإيران، الدول الثلاث التي تهيمن على الوضع الميداني.
وقالت جانا جبور المتخصصة بالشؤون التركية، لـ"فرانس برس"، إنّ "هدف هذه القمة الثلاثية هو إعادة تنظيم مناطق النفوذ في سورية وإعادة التفاوض حولها، وكذلك التفكير في مستقبل شمال سورية بعد الانسحاب الأميركي".
وتطالب تركيا، الولايات المتحدة، بإخراج مليشيات "قوات سورية الديمقراطية"، من مدينة منبج، وتسليم المنطقة إلى أصحابها، بعدما سيطرت عليها في أغسطس/آب 2016، بدعم أميركي، في إطار الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتعتبر تركيا المكوّن العربي في "قوات سورية الديمقراطية"، واجهة تهدف إلى إعطاء شرعية لمليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية التي ترى فيها امتداداً في سورية، لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنّف "منظمة إرهابية" من قبل أنقرة.
وأطلقت تركيا و"الجيش السوري الحر"، في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، عملية "غصن الزيتون" العسكرية، ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية في شمال سورية، وطردتها، في 19 مارس/آذار، من معقلها في مدينة عفرين، وتؤكد أنّها ستوسّع نطاق عملياتها.
وتأمل تركيا خلال قمة، اليوم الأربعاء، الحصول على دعم روسي وإيراني لمواصلة عملياتها هذه، وتوسعتها إلى منبج.
إدلب عالقة
وتُعتبر محافظة إدلب، قضية ساخنة، خصوصاً إذا قرّر النظام السوري الذي بات قاب قوسين من السيطرة بالكامل على الغوطة الشرقية، مهاجمتها.
وهذه المنطقة الواقعة في شمال غرب سورية، خارجة بالكامل تقريباً، عن سيطرة النظام السوري، لكنها واحدة من مناطق "خفض التصعيد"، وأقامت فيها تركيا مركز مراقبة، لكن هذا لم يمنع النظام السوري وروسيا، من شنّ هجمات عليها.
وقالت إليزابيث تيومان المحللة في "معهد دراسات الحرب"، لـ"فرانس برس"، إنّ إدلب يمكن أن "تنسف" التعاون بين روسيا وإيران وتركيا. وأضافت أنّ "التوتر الروسي التركي قد يظهر مجدداً عندما يركّز التحالف المؤيد للنظام من جديد على محافظة إدلب".
مصير الأسد
وبينما من المتوقع أن تحضر بشكل عابر قضية المفاوضات والعملية السياسية بشأن الحل في سورية، يبقى مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد محط خلاف بين طهران وموسكو اللتين تؤيدان بقاءه في السلطة، وأنقرة التي تدعو إلى رحيله.
وقال آرون لوند من "المعهد الفكري الأميركي"، لـ"فرانس برس"، إنّ "حجم تأثير روسيا وإيران على الحكومة السورية، ليس واضحاً في بعض النقاط، لكن أتصور أنّهما إذا قررتا الضغط بشكل جماعي على الأسد فيمكنهما الذهاب بعيداً". إلا أنّه أضاف أنّ الأسد "يحتاج إليهما لاستعادة الأراضي وتعويم الوضع الاقتصادي، لكن هذا لا يعني أنّه يمكن أن يوافق مثلاً على طلب بالاستقالة".