ذكرت صحيفة معاريف العبرية وما وصفته اقتراحا ضمن خطة السلام الأمريكية الذي طرحته الإدارة الأمريكية على وزير الحرب افيغادور ليبرمان والذي ذكر فيه موضوع نقل السيادة للسلطة الفلسطينية على أربعة أحياء شرقي القدس وتضم مخيم شعفاط، وجبل المكبر، والعيساوية، وقسم من أبو ديس الواقع داخل منطقة نفوذ بلدية القدس.
وذكرت الصحيفة أن الاقتراح وصل إلى ليبرمان كجزء من خطة تعمل عليها الولايات المتحدة منذ بداية العام .
وقد أكدت الصحيفة احتمالية قبول " إسرائيل" بهذا المقترح رغم التنازلات التي ستقدمها على حد تعبيرها.
زياد حموري المختص بقضايا القدس علق في مقابلة مع الرسالة على المقترح قائلا: الأمر ليس جديدا وكان يدخل دوما في نطاق الحرب الديمغرافية في القدس، فإسرائيل تريد أن تزيح الاحياء الأكثر كثافة عن القدس".
وبحسب حموري فان حي العيساوية مطروح منذ حكم أولمرت وشارون بعد خروجه من غزة، هذا يعني أن الحديث له عشرات السنين، لافتا إلى أن الحديث كان يخص العيساوية بالذات لكثافتها السكانية ومقاومتها الباسلة وموقعها في وسط الاحياء اليهودية، مؤكدا أنه في حال إبعادها يغلقون المعبر المؤدي الى المستوطنات ويفتحون طريق بينها وبين الضفة الغربية، وقد بدأوا فعلا بذلك.
ويضيف حموري شارحا عملية الفصل: إن أبو ديس مفصولة بطبيعة الحال، وقد اٌقترحت كعاصمة بديلة سابقا وكذلك وجبل المكبر الذي يعتبر سهل الفصل عن طريق منطقة سور باهر التي تربطه بمناطق السلطة، لكن منطقة شعفاط تعتبر صعبة الفصل واصفا هذا الطرح بأنه غير منطقي إلا إذا كان الحديث يقصد به مخيم شعفاط فقط، لأنه موجود واقعيا خارج الجدار ويمكن بسهولة وصله بالضفة لكن إذا كان الحديث عن منطقة شعفاط كاملة فجزء منها داخل الجدار ويصعب فصله.
ويستنكر حموري هذه التصريحات في ظل تضاربها مع تصريحات إسرائيلية أخرى تكشف عن نية إسرائيل فرض سيادتها وسلطتها على الضفة متسائلا" كيف تتحدث الآن عن فصل مناطق من القدس لصالح السلطة".
ويوضح حموري قيام إسرائيل فعليا بتغيير كل معالم القدس وعملها الدائم على تهويد مناطق كاملة والتي أصبحت خالية حتى من آثارها ومقابرها الأثرية القديمة ومعالمها التاريخية، لافتا إلى أنه لا يعتقد أن السلطة تعلم عن هذه التقسيمة أو حتى عن أي بنود فيما يسمى صفقة القرن، وكل التصريحات التي تصل اليها غير واضحة ومبهمة ولا رواية أكيدة لديهم.
يذكر أن سبب الاهتمام الإسرائيلي الأول من ضم وفصل مناطق قريبة من القدس هو الاعتبار الديمغرافي وضمان الأغلبية اليهودية في المدينة المقدسة، ووفقا لذلك فإنها تعمل الان على ابعاد بعض الاحياء المكتظة بالسكان خارج أسوار الإدارة الإسرائيلية للمدينة لتجعلها تابعة لإدارة بيت لحم او السلطة الفلسطينية.
فبحلول عام 2000، فهمت إسرائيل أنها بصدد خسارة المعركة الديمغرافية بالقدس، إذ تؤكد معطيات الكتاب السنوي الإحصائي للقدس الذي أصدره الاحتلال عام 2017، أنه بين عامي 1967 و2015 ازداد عدد السكان اليهود في المدينة ووصلوا إلى 174 ألف نسمة، ولكن السكان العرب ازدادوا في هذه الفترة الزمنية نفسها ضعفين أو أكثر، حسب قول حموري.
وفي تقرير سابق للرسالة، قال عماد أبو عواد الباحث المختص بشؤون القدس إن زيادة أعداد الفلسطينيين في القدس، ونسبتهم بالمقارنة مع اليهود، هو المحرّك الأبرز لأصحاب فكرة التنازل عن الأحياء العربية في مدينة القدس، مثل يتسحاك هرتسوغ، وحاييم رامون وغيرهم من القيادات، حيث يُعتبر الخزان البشري الفلسطيني مهدد من وجهة نظرهم لديموغرافيا المدينة، وغالبيتها اليهودية.
الدكتور جمال عمرو المختص بقضايا القدس وصف ما نشرته صحيفة معاريف بأنه خلط خطير للأوراق، وتحويل لقضية القدس المقدسة التي تعتبر القاسم الوحيد المشترك بين أبناء الشعب الفلسطيني والعربي والمسلمين والمسيحيين في العالم على حد تعبيره.
وأضاف "هكذا سنبدأ بتجزئة المدينة وتحويلها لبازار والمقايضة على أحياء متفرقة غير متصلة ببعضها البعض واختصار القضية الخطيرة والكبيرة لأربعة احياء متقطعة الاوصال، موضحا أن المطلع على خارطة القدس يرى حجم التباعد بين الأحياء التي لا يمكن أن تشكل عاصمة بأي شكل من الأشكال.
ويؤكد عمرو أن خطر هذه الأحياء على إسرائيل يكمن بأنها كتلة بشرية هائلة جدا وذعر ديمغرافي بالنسبة لهم لذلك تريد أن تتخلص منها، مما يعني التخلص من البيوت والهويات والحقوق والإدارة القانونية والإنسانية والصحة والتعليم، وبالتالي محوها من سجلات التعداد السكاني للقدس، ثم يمنع سكانها منعا باتا من دخول المدينة.
ويلفت عمرو إلى أن الأمر قد يبدو أمام العالم الآن بأن إسرائيل تريد أن تمن على السلطة بإعطائها جزءًا من العاصمة الإسرائيلية المعترف بها أمريكيًا، وهذا ما يجب أن ينتبه له أهالي القدس والعرب والمسلمين في الخارج، ففي ذات الوقت لا تستطيع السلطة بناء عاصمة ذات مغزى سياسي أو سياحي كما أن المنطقة المقدسة والحوض المقدس كله الآن تحت إدارة إسرائيل.
وتساءل عمرو: ما فائدة أن نعود بجزء من القدس دون البلدة القديمة، وما فائدة البلدة القديمة بدون الأقصى، وهذه الصفقة تعني أننا حصلنا على صفر بل على تحت الصفر من العاصمة المقدسة وهو قمة الخسران.