لأول مرة يشهد قطاع غزة منذ العدوان الأخير عام 2014، تصعيدا عنيفا حيث استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلية مواقع عسكرية تابعة للمقاومة الفلسطينية، عقبها رد من كتائب القسام وسرايا القدس بإطلاق قرابة مئة قذيفة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة.
وتيرة الأحداث أخذت بالتصاعد مع استفزازات الاحتلال باستهداف نقاط رصد للمقاومة على الحدود، وتذرعه بأنه رد على استهداف الشبان ثكنات للاحتلال في إطار مسيرات العودة.
الثلاثاء الماضي وصل التصعيد ذروته حيث أفادت مصادر إسرائيلية عن وصول عدد من صواريخ المقاومة لمسافة 20 كيلو متر، في حين ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن تخطي عدد قذائف الهاون والصواريخ 80 قذيفة، مما أغضب سكان غلاف غزة ومنطقة أشكول واتهموا حكومتهم بالجبن في مواجهة المقاومة والرد عليها وعدم اتخاذ التدابير اللازمة حينما توعدت بالرد.
وبعد اعلان الهدنة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، نقل موقع والا العبري عن سكان غلاف غزة أنهم غاضبون، واعتبروا أن رد فعل جيشهم ضعيف جدا، فالسكان قضوا ليلة في الملاجئ، مطالبين الحكومة ألا تذهب إلى وقف إطلاق النار.
وفي ذات السياق، قال سكان المجلس الإقليمي أشكول:" يومين قضيناها في الملاجئ لم نخرج منها، نسمع صفارات الإنذار والصواريخ كل 10 دقائق بينما لم نسمع عما حققه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، لن نكون هادئين إلا إذا تم ردع حماس والجهاد الإسلامي في غزة"- حسب زعمهم.
وعن ردات الفعل الإسرائيلية يقول المختص في الشأن الاسرائيلي عدنان أبو عامر "للرسالة" أنه من المرات القليلة التي تصاب فيها "إسرائيل" بانتكاسة حقيقية في تفاوضها مع المقاومة الفلسطينية، موضحا أنه في الوقت الذي كانت فيه "إسرائيل" تدرس كيفية إدارة وقف إطلاق النار كانت المقاومة الفلسطينية تدك المستوطنات.
وبحسب متابعته، فإن هناك حالة من توزيع الاتهامات القاسية موجهة إلى بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية، حيث اتهمه الإسرائيليون بالضعف والجبن لتركه المستوطنات مستباحة بالهاون ما أدى إلى تعطيل الحياة في غلاف غزة.
ويشير أبو عامر إلى أن "إسرائيل" في الوقت الذي كانت فيه في حالة تقدير كيف ستوقف حالة التصعيد، كانت المقاومة تفاجئهم بتوجيه القذائف على المستوطنات الاسرائيلية، وفي هذا أبعاد أمنية واستخباراتية تحسب للمقاومة الفلسطينية حيث أصابت التقدير الإسرائيلي في مقتل فدوما كانت "إسرائيل" تتحكم في انهاء أي تصعيد.
ويرى المختص في الشأن (الإسرائيلي) أن المقاومة استفادت كثيرا من الدروس السابقة، لاستخدامها قذائف هاون ذات تأثير قليل، كما وركزت على منطقة غلاف غزة واماكن تمركز الجيش على الحدود، مما جعل "إسرائيل" في حالة انتكاسة وهي من المرات القليلة التي لن تكون يدها هي العليا، لافتا إلى أن غزة المحاصرة وجهت صفعة قاسية في وضح النهار لـ "إسرائيل" أمام العالم.
ويتفق صالح النعامي المختص في الشأن الإسرائيلي مع سابقه القول، فقد كتب على صفحته الفيسبوك:" القيادة الإسرائيلية في حالة حرج شديد في ظل الانتقادات الهائلة التي تتعرض لها حاليا داخل إسرائيل واتهامات لها بـ "الجبن"، مشيرا إلى أنهم يحاولون التغطية على حقيقة أن اتفاق تهدئة تم التوصل إليه بالفعل، ويحاولون نفي التوصل لاتفاق تهدئة.
ولفت في الوقت ذاته إلى أنهم يقولون الهدوء سيرد عليه بالهدوء، أي أنهم لا يريدون الظهور بمظهر وكأنهم قبلوا بقواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة، لكنهم يعون أنها تغيرت فعلا لصالح المقاومة.
ويقول النعامي:" جيش الاحتلال طلب رسميا من المستوطنين في غلاف غزة العودة الى حياة اعتيادية، وهذا يدلل على أن اتفاق تهدئة تم بالفعل"، متابعا: أكثر ما يدلل على أن جولة التصعيد الحالية باتت خلفنا ما قاله الوزير الصهيوني نفتالي بنات" يتوجب أولا التمركز في ضرب رأس "التنين" وهي إيران وبعد انجاز المهمة فإن أذرع التنين، التي حماس تمثل أحدها، ستنهار من تلقاء نفسها".
وفي السياق ذاته يؤكد علاء الريماوي مدير مركز القدس للشأن الإسرائيلي بأن الاحتلال كان أمام مشهد إرباك أمني وعسكري وفاجأه مستوى الرد على الأرض.
ويقول " ظهر كابينت المقاومة وهيئة اركان حربها في ذروة الحدث صاحبة رؤيا حقيقية للمواجهة والتصعيد، بينما لم أرَ في حياتي خيبة استخبارية للأمن الصهيوني كما رأيته خلال الساعات الماضية، فشل في تحديد البدايات والنهايات والمشاركين ومصادر النار وحجم الرؤية التصعيدية.