قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: قمة مكة.. تمخض الجبل فولد فأرا

خلال القمة
خلال القمة

الرسالة نت - وكالات

انتهت قمة مكة الرباعية بشأن الأزمة الأردنية بتقديم حزمة مساعدات هزيلة ومخرجات متواضعة وإجراءات تفاوتت التقييمات بشأن دورها في نزع فتيل أسباب الأزمة في الأردن، ووضع الاقتصاد الأردني على المسار الذي يضمن الاستقرار الاجتماعي، كما أثارت تساؤلات عما إذا كانت القمة لمساعدة الأردن أم للضغط عليه.

وتعهدت كل من السعودية والإمارات والكويت بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية إلى الأردن تصل قيمتها 2.5 مليار دولار تتوزع على أربعة بنود، هي وديعة في البنك المركزي الأردني، مع تقديم ضمانات إلى البنك الدولي لمصلحة الأردن، وتقديم دعم سنوي لميزانية الحكومة لمدة خمس سنوات، إضافة إلى تمويل صناديق التنمية لمشاريع إنمائية. 

ويرى محللون أردنيون أن حزمة المساعدات البالغة 2.5 مليار دولار كوديعة لم تكن بحجم الانتظارات، خصوصا أنها لم ترتق إلى حجم الدعاية الإعلامية المسلطة على القمة، فالأردن وسط الأزمة الطاحنة التي يعيشها والعبء الاقتصادي الذي يتحمله يحتاج إلى دعم أكبر واشتراطات أقل.

وترى الأوساط الأردنية أن الرياض وأبو ظبي سارعتا إلى تبني القمة بعد المبادرة الكويتية لتسجيل الحضور الأبرز، مضيفا أن هناك رهانا أردنيا على الكويت التي أرسلت نائب رئيس وزرائها إلى الأردن أثناء الاحتجاجات، وتعهدت بتقديم المزيد من المساعدات والاستثمارات إليه.

وحسب خبراء، فإن الوديعة -وهي تشبه تلك التي قدمتها السعودية إلى اليمن- سوف تحفظ في البنك المركزي ولن تضخ النقود في السوق لإنعاش الحركة الاقتصادية.

وقال المحلل السياسي عمر كلّاب للجزيرة إن "المساعدات أقل من المأمول أردنيا، وأقل من الواجب قوميا وعربيا، وأقل من الدور الذي يقوم به الأردن في حماية أمن واستقرار الخليج".

وأضاف أنه غير الواضح ما سيدخل للخزينة الأردنية من حزمة المساعدات بشكل مباشر، لكنها ستمنح الحكومة الأردنية بعض الوقت لإدارة الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن تنوع توزيع المساعدات بمثابة رسالة إلى الأردن هي "أننا نساعد لكننا لا نتحمل أعباء أكثر"، أي أن على الأردن أن يتحمل الأعباء الاقتصادية بعيدا عن الدعم.

وذهب بعض المحللين إلى مقارنة "المبلغ الهزيل" الذي حصل عليه الأردن مع ما تدفق إلى مصر من مساعدات وقروض ومنح وودائع واستثمارات ومشروعات سعودية فقط منذ ثورة 2011 وحتى أغسطس/آب 2017 والتي بلغت نحو سبعين مليار دولار، وقد تطورت بشكل هائل في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويعتمد الاقتصاد الأردني بشكل كبير على المنح والمساعدات التي تأتي في معظمها من الولايات المتحدة ودول الخليج والاتحاد الأوروبي، وتراوحت حتى عام 2016 بين 3.5 و4 مليارات دولار سنويا تدفع الولايات المتحدة منها نحو 1.3 مليار دولار ودول الخليج وما بين 2 و2.5 مليار دولار سنويا.

وتخشى الأوساط الأردنية من أن تكون الدول الخليجية -الإمارات والسعودية- تضغط ماليا على الأردن بسبب تحفظه على ما تسمى "صفقة القرن" التي يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان تمريرها كحل للقضية الفلسطينية بشكل يعني التنازل عن القدس وحق العودة.

ويضع محللون وكتاب أردنيون مخرجات قمة مكة في خانة القول المأثور "تمخض الجبل فولد فارا"، في إشارة إلى ضخامة الضخ الإعلامي للقمة وضعف قراراتها، لكن بعضهم يرون أن الهدف هو إبقاء الأردن في خانة الضغط وعدم إخراجه بشكل كامل من الأزمة.

وإضافة إلى الخوف من تجدد ربيع عربي على تخومهما تستهدف كل من الرياض وأبو ظبي وربما واشنطن -حسب محللين- من خلال حزمة المساعدات تقديم متنفس ظرفي إلى الأردن وعدم "حشره في الزاوية" لعدم دفعه إلى الاندفاع نحو تركيا، أو إيران بشكل خاص، وأيضا الاستدارة الكاملة نحو الدوحة.

وشهد الأردن خلال الأيام الماضية احتجاجات شعبية في العاصمة عمان ومحافظات أخرى علىى مشروع قانون ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين أدت إلى استقالة حكومةة هاني الملقي وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة وتعهده بسحب ضريبة الدخل، وعقدت كل منن السعودية والإمارات والكويت والأردن قمة في مكة بدعوة من ملك السعودية سلمان بن عبد العزيزز لبحث الأزمة.

وفي وقت تساءل فيه الكثير من الأردنيين عن مغزى عقد القمة بعد أن تم فعليا تجاوز الأزمة التي كانت تنذر بعواقب وخيمة قالت الخبيرة الاقتصادية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لوري بوغهارت "إن السرعة وحجم الاستجابة اللذين تقوم بهما دول الخليج دليلان واضحان على قلقهاا  وعزمها القضاء على الاضطرابات في الأردن من جذورها".

وأضافت بوغهارت لوكالة الصحافة الفرنسية "سيقومون بكل ما في وسعهم لإفشال ربيع عربي آخر على عتبة أبوابهم"، في إشارة إلى الدول الداعية للاجتماع في مكة، وهو ما يشير إلى أن الرياض وأبو ظبي وضعتا مصلحتهما أولا في إقرار حزمة المساعدات لعمّان.

ودفع الأردن ثمنا باهظا للتوترات الإقليمية المستفحلة منذ عقود (الحرب في العراق وسوريا، والأزمة الخليجية) وتأثيراتها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي مع تدفق ملايين اللاجئين وتراجع الاستثمارات ووقف المساعدات الخليجية.

وكان من تبعات ذلك زيادة عجز موازنة البلاد إلى أكثر من مليار دولار وإضعاف قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، مما جعلها تلجأ إلى رفع أسعار مواد أساسية وزيادات ضريبية أدت إلى موجة احتجاجات استوعبها القصر بتغيير رئاسة الحكومة وتجميد الضريبة.

ولجأت عمّان إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 750 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات اعتبارا من عام 2016 مقابل إجراءات تقشفية قاسية تشمل رفع دعم الدولة عن الخبز وزيادة أسعار المشتقات النفطية وزيادة الضرائب

البث المباشر