كشف في إسرائيل أمس أن جيشها غير مؤهل لخوض حرب في الفترة الراهنة، وأنه يواجه أزمة قاسية نتيجة مغادرة القيادات النوعية لصفوفه.
وينقل التقرير السنوي لمفوض شكاوى الجنود الذي نشر أمس «صورة مزعجة» من وجهة النظر الإسرائيلية، عن استعداد الجيش للحرب، ونظام الخدمة الدائم، وقدرة نظام الخدمة النظامية على مواجهة التحديات الحالية.
وقال المفوض، الجنرال (احتياط) يتسحاق بريك قبل نشر التقرير، إن «الأمور السلبية في الجيش الإسرائيلي تتسع وتهدد بتجاوز الأمور الإيجابية».
وتابع «أشعر بالانزعاج الشديد أكثر من الماضي».ويشير بريك في تقريره، إلى روتين معالجة وصيانة المعدات القتالية، ويلاحظ أن العديد من الوحدات لا تحرص على إدارة روتين صيانتها. ويشير إلى أن الموضوع طرح في منظومة الاحتياط بشكل خاص، وتبين له أنه «لا يجري دائما الحفاظ على روتين الصباح في معالجة الأسلحة الشخصية والدبابات والمدرعات، سواء في الروتين وبعد التدريب.»
وأضاف «كما كشفت إحدى زياراتي أن أحد مراكز التدريب الرئيسية استأجر شركة مدنية لتنظيف الأسلحة بعد التدريب، ولم يتمكن الجنود الذين لا يعالجون المعدات الشخصية خلال الأوقات الروتينية من القيام بذلك في أوقات الطوارئ، مما يؤدي إلى عدم الكفاءة وعدم القدرة على تنفيذ المهام».
بالإضافة إلى ذلك، أشار أيضًا إلى الخوف من جودة التدريب الذي يخضع له جنود الاحتياط. وقال «هناك تدريب أكثر مما كان عليه في الماضي، لكن نوعية التدريب في نظام الاحتياط آخذ في التناقص. الاحتياط، الذي هو أكثر قوة قتالية في الجيش أثناء الحرب، لا يتدرب على المعايير الصحيحة أثناء الحرب، هناك نقص في المهنيين، وفي المعدات، الأمر الذي يشكك بجاهزية الجيش الإسرائيلي ليوم الحسم».
تراجع في رغبة الضباط بالخدمة الطويلة
وقد خصص فصل كامل من التقرير لتراجع رغبة الضباط في الالتزام بالخدمة الطويلة، ويحذر من حدوث انخفاض كبير في استعداد صغار الضباط للالتزام بالخدمة الدائمة في الجيش، خاصة في المنظومة التكنولوجية المهمة جدا في ساحة الحرب المستقبلية. وأضاف «نحن نرى مشكلة صعبة للغاية في هذه القضية، فالأطباء لا يريدون البقاء في المنظومة القتالية. وكذلك ضباط التسلح واللوجستيات والتعليم لا يريدون تمديد خدمتهم الدائمة لفترات أطول.
وفي جهاز الاستخبارات هناك نقص في محفزات الضباط على مواصلة حياتهم المهنية، والناس الطيبون المميزون يغادرون الجيش».
وطبقاً لبريك، فإن الجيش الإسرائيلي يدرك هذه القضية ويضطر إلى تقديم تنازلات: «بالنسبة للجيش هذا جيد من حيث الأرقام، ظاهرا هناك أعداد مشابهة لتلك التي كانت قائمة في الماضي، لكن ليس بالضرورة هؤلاء هم الأشخاص الذين أراد الجيش المواصلة معهم.
وظاهرة مغادرة الضباط النوعيين، ستقود الجيش الإسرائيلي إلى مستوى مهني متوسط». وفي تقرير الأخير له في المنصب، بعد 10 سنوات من ولايته، كتب بريك أن «هناك أزمة صعبة جدا في الجيش، وذلك بناء على المعلومات التي جمعها في عام 2017 من خلال وثائق ومحادثات مع جنود وضباط، إضافة إلى العمل الميداني».
وتناول في تقريره ما أسماه «نموذج النظامي الصغير» بشأن نموذج الخدمة الدائمة الجديدة في الجيش. وبموجب هذا النموذج فإن هناك محطة خروج من الجيش بعد 14 عاما للضابط الذي لا يترقى إلى رتبة «مقدم» (لفتاننت كولونيل)، حيث يخشى ضباط كثيرون هذه المحطة والخروج إلى الحياة المدنية بدون تقاعد، ما يدفع ضباطا كثيرين إلى ترك الجيش بعد الوصول إلى منصب «قائد كتيبة».
وبينت الاستطلاعات أن 50٪ من الضباط لا ينصحون أقرباءهم بالتوقيع على الخدمة الدائمة الطويلة في الجيش. وحسب بريك، فإن هذه الظاهرة تتكرر في التجهيزات التكنولوجية والقتالية والإسنادية، مضيفا أن الجيش ليس مدركا بما فيه الكفاية لأبعاد ذلك.
كما يتطرق في تقريره إلى أبعاد تقليص 4 آلاف من النظاميين من قبل وزارتي الأمن والمالية، الأمر الذي أدى إلى تقصير مدة الخدمة النظامية ما تسبب بأزمة عدم ملاءمة بين المهمات الملقاة على عاتق الضباط والجنود، وبين حجم القوى البشرية والموارد المتوفرة بحوزتها.
الضباط يتعاملون بإهانة مع مأموريهم
إلى ذلك، أشار المفوض إلى أنه في عام 2017 تلقى مكتبه 7002 شكوى كتابية من الجنود، مقابل 6758 شكوى في عام 2016. وحسب الشكاوى، اعتبر بريك أن هناك «تعاملا مؤذيا ومهينا وعنصريا من جانب الضباط تجاه المأمورين.
وأشار أيضا في تقريره إلى أبعاد ثورة المعلومات في الجيش على العلاقة بين الضباط والمأمورين. وهذا الاستخدام السائد للهواتف الخليوية والبريد الإلكتروني من شأنه ان يؤدي إلى «مشاكل انضباط وعدم تنفيذ أوامر»، وأن «الجنود يستخدمون الهواتف في الفعاليات العملياتية والتدريبية والروتينية بشكل يمس بالمستوى العملياتي وبالعلاقة الشخصية بين الضابط والمأمور».
وعن البريد الإلكتروني، كتب أن الأوامر تصل بواسطة الإيميل أيضا إلى كبار الضباط وبكميات كبيرة لدرجة أن بعضها يتم محوه بدون الاهتمام بها، ما يعني أن الأوامر لا تنفذ. وعن استخدام الهواتف الخليوية كتب أن ذلك يمس بالقيادة والعلاقات الشخصية لكونها تأتي بديلا للحوار المباشر بين الضباط والمأمورين، وأيضا بين الجنود أنفسهم.
وعن الخدمات الطبية في الجيش كتب أن هناك فجوة، سواء على مستوى القوى البشرية أم التكنولوجيا والبنى التحتية، بما يمس بالخدمات الطبية التي تقدم لمن يتلقى العلاج، كما أن الضباط لا يولون الأهمية المطلوبة للوضع الطبي للجندي خلافا للتوجيهات الصريحة للجهات الطبية.