قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: الشهيد رضوان.. ودعته زوجته بالورود وأمه بلا عناق أخير

طفلة الشهيد رضوان
طفلة الشهيد رضوان

الرسالة نت - محمود فودة

على نفس الهاتف الذي كان يتصل به عبد الكريم رضوان على والدته التي سافرت للعلاج في جمهورية مصر العربية، ليطمئن عليها، ويتبادلان الضحكات رغم بعد المسافات، كان الوداع الأخير بينهما، بعد أن استشهد عبد الكريم بقصف (إسرائيلي) استهدفه شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

الوالدة التي أوصلها الشهيد إلى صالة أبو يوسف النجار حينما سافرت، كانت تنتظر أن يستقبلها بعد عودتها لغزة عقب إنهائها رحلة العلاج، لكنها ستعود، دون أن تجده ينتظرها على بوابة المعبر، هذا لم يكن في حسبانها.

ولم يكن في مخيلتها أن رحيل نجلها الأول أحمد عام 2002، دون أن تتمكن من وداعه، بعد تحوله لأشلاء برفقة أربعة من الشهداء، كالموت والحياة لا يعاد مرتين، إذ دفن الشهيد عبد الكريم دون أن تقبله، أو تحضنه، أو حتى تلقي عليه السلام كما فعلت مع الشهيد الأول.

عبر برنامج التواصل الاجتماعي، فتحت الأم كاميرا الهاتف، لترى نجلها مسجى في ساحة البيت، وتقول بصوتها الذي أضعفه البكاء: "يرحمك يا حبيبي، سلم على أخوك، حقك عليا يمه"، حينها لم تبق دمعة مختبئة في عين أي من الحاضرين لموكب الوداع تضامنا مع الوالدة.

وصدق من قال إن الشهيد يشعر بقرب رحيله، إذ كان "عبد الكريم" مصرًا على تقديم موعد رحلة عائلته المكونة من خمسة أطفال أحدهم يعاني من إعاقة إلى شاطئ بحر رفح حيث امتدت على طول اليوم الذي سبق رحيله.

وعن تلك الرحلة الأخيرة، تقول طفلته رؤى صاحبة الاثني عشر عاما في حديثها لـ"الرسالة" بعد وداع والدها إلى مثواه الأخير: "أبويا أخذنا أحلى طشة بحياتنا على البحر، شالنا على ظهره واحد واحد، ودخلنا البحر، ولعبنا كثير وانبسطنا، بس خلص كانت اخر رحلة إلنا معه".

بينما أعلنت زوجته التي كانت تحتضن طفلتها الثالثة التي لم تبلغ سن الفِطام بعد، عن أمنيتها بقولها: "والله احنا راضيين عليه، المهم يكون هو راضي عنا"، وصدى صوت مكالمته الأخيرة التي كانت قبيل رحيله بساعات ما زال يتردد على مسامعها، وقد لا يغيب عنها ذلك الصوت حتى تلتقي به مجددا، فهي من قامت برش جثمانه بالورود في وداعه الأخير.

ولا تدري زوجة الشهيد "أم سراج" فيمن تفكر بعد رحيل زوجها، في نفسها التي ستكمل حياتها دون رفيق دربها، أم في أبنائها الخمسة الذين ما زالوا في سن الطفولة، وبحاجة إلى اهتمام ومتابعة لسنوات طويلة، فيما تفكيرها لم يغب عن والدة الشهيد التي حرمت من وداعه، وستعود من رحلة علاجها دون أن يستقبلها.

وخلال انتظارها وصول جثمان زوجها الشهيد أضافت في حديثها لـ"الرسالة": "وصية الشهيد إني أربي أولادي وبناتي على الالتزام، وحب الوطن مثل والدهم الذي استشهد فداءً لفلسطين، وإن شاء الله سأنفذ وصيته وأحافظ عليهم".

وكان الشهيد عبد الكريم رضوان ارتقى يوم الخميس المنصرم في قصف إسرائيلي استهدف موقعا لقوات الضبط الميداني التي تعمل على حفظ الأمن على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة.

البث المباشر