المعصية والخطأ والعادات السيئة, صفات لصيقة بالإنسان, وكثير من يعلمون ضررها ويدركون خطرها ولكنهم يظلون في أسْرِها، وقد استولت عليهم العوائد، وأحاطت بهم العوائق، ووهنت عزائمهم، وضعفت إرادتهم, لأنه كما هو معلوم أنَّ: "للعادات سلطانًا على النفوس، وهيمنة على القلوب، وهي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه، لا يستطيع التخلص منها ولا يقدر على مفارقتها".
والتخلص من العادات السيئة أساسه قوة الإرادة، وشهر رمضان مدرسة تربوية يتدرب فيها المسلم على تقوية إرادته في الوقوف عند حدود ربه، والتسليم لحكمه، وتنفيذ أوامره وشريعته، فالصوم إذًا فرصة ذهبية للتخلص من العادات الرديئة, والصفات السيئة.
رمضان غيّر حياتي
وهنا مروة محمد (محررة بأحد المواقع الإلكترونية) تقول عن تجربتها مع شهر رمضان: "كان بالنسبة لي يمثّل المرحلة الفاصلة في حياتي من سفور وتبرج إلى التزام وحجاب، قرَّرت أن أتحجَّب في أوَّل يوم من رمضان, وكان في عقلي أني سأخلع حجابي بعد الشهر الكريم, ولكني مع الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله في كل يوم أحببت حجابي, والتزمت بملابس مناسبة لشكلي الجديد, وقررت ألا أخلعه أبدًا, وأنا الآن محجبة وكانت البداية في رمضان, وندمت على ما فاتني من أيام ماضية كنت فيها غير محجبة".
رمضان موسم الاستقامة
إِنّقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا".. هكذا بدأ الشيخ خالد الجندي (الداعية الإسلامي) كلامه عن فضل شهر رمضان على العباد، وقال: إنَّ "شهر رمضان هو موسم النفحات, وإنه من فضل الله على عباده أن جعل لهم مواسم يحيونَ فيها بطريقة مختلفة عما اعتادوه, وشهر رمضان فيه تتغير طبائع البشر للأحسن وعاداتهم, وترتقي سلوكياتهم للأفضل والأصلح، فنرى في هذا الشهر الكريم تزيد أفعال البر والخير والإحسان وتزول الضغائن والعداوات، فهو هبة ربانية لكل البشر وهو شهر عطاء وإقبال وصدقات".
وتابع الجندي: "ومن مظاهر شهر رمضان زيادة الإيجابية, حيث يَزيد إقبال الناس على المساجد للصلاة في أوقاتها جماعة, وتزيد قراءة القرآن وكثرة الدعاء والتسابق إلى أفعال الخير، كما يزيد فيه التواصل والتراحم بين الأقارب والمجالس العائلية، فشهر رمضان هو موسم الإصلاح وتحسين النفوس وبث الروح الإيجابية في العباد".
وينصح الشيخ خالد الفتيات والفتيان بعدم تفويت الفرصة واستغلال شهر رمضان, ففيه تفتح أبواب الجنة, وتغلق أبواب النار, وتسلسل الشياطين، وهو فرصة عظيمة لإصلاح النفوس بالتقرب لله والالتزام بالطاعات بكثرة الصلاة وقراءة القرآن والامتناع عن كل ما يغضب الله، فرمضان شهر صمود وتحد وفيه النفوس تؤوب إلى ربها وتعود لرشدها وتصحح من أخطائها وتبتعد عن المعاصي وتتسابق لفعل الخيرات، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.