أعرب خالد بركات عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن رفضه محاولات البعض من حركة فتح استبعاد فصائل من المقاومة الفلسطينية في مباحثات التهدئة الجارية في القاهرة، قائلا "ليس من حق عزام الاحمد أو غيره مصادرة دور هذه القوى الوطنية حتى لو كانت تشكيلات عسكرية حديثة العهد ولا يوجد لديها دور سياسي وجماهيري كبير، من يقدم الدم من حقه أن يشارك في صناعة القرار السياسي".
وقال بركات في حديث خاص بـ"الرسالة" السؤال هو: لماذا يشارك الأحمد ويجري محاولة استبعاد واقصاء تلك القوى التي تقدم الشهداء والجرحى وتتصدى للعدوان الصهيوني".
بركات: من حق قوى المقاومة اختيار التكتيك الأنسب في كل مرحلة
وذكر أن من يرفض فكرة المقاومة اصلا يجب الا يكون جزءًا من أي جهود تتعلق بتكتيكاتها، لأنهم ليسوا جزءًا منها أساسًا بل هناك من يتآمر على المقاومة وسلاحها ويريد ان يقرر مصيرها، الهرم يقف على راسه!".
وأضاف بركات: "إذا ارادت السلطة في رام الله أن تكون جزءاً من هذا التحرك عليها أولا أن توقف تنسيقها وتعاونها مع الاحتلال في الضفة وتطلق سراح المعتقلين من سجونها، وتتوقف عن تكريس الانقسام الكارثي، والكف عن تعزيز المناطقية والفئوية ونهج التفرد والاقصاء".
مسيرة العودة
وحول مسيرات العودة وكسر الحصار أشار بركات أن هدف المسيرات تثبيت حق العودة للاجئين الفلسطينيين وكسر الحصار عن غزة بشكل كامل على طريق استكمال مهمات تحريره، مشددًا على أن عملية كسر الحصار يجب أن تكون أولوية وطنية وقومية لا تقتصر على شعبنا في غزة الذي يقدم كل هذه التضحيات يوميا.
وبيّن أن الهدف الاساسي من مسيرات العودة كان العمل على كسر الحصار البري والبحري، وانتزاع حق الصيادين والمزارعين بالعمل دون تهديد يومي من قبل الاحتلال، وفتح المعابر، وتحقيق المطالب الاساسية لشعبنا باعتبارها حقوقا طبيعية غير قابلة للمساومة وتكفلها كل الشرائع، وهي ليست منة او مكرمة من أحد، لا من الاحتلال ولا من السلطة ولا غيرها.
وردًا على حديث السلطة بأن ما تطالب به المقاومة من ميناء ومطار كان موجودا ومحققًا في الماضي، أجاب: "العدو هو الذي دمر الميناء والمطار، لكن هناك من يريد حرف البوصلة عن جوهر الفكرة بعيدا عن مصلحة شعبنا، فلو كان هدف السلطة الحرص على غزة لتحركت على المستوى العربي والدولي، لكنها تذهب في الاتجاه الاخر وتلوم المقاومة، هذا في الحقيقة طعنة في خاصرة شعبنا ".
واضاف بركات " لو كان هدفهم الحرص على غزة وكسر الحصار لتحركوا في هذه المسألة، فلديهم 130 سفارة حول العالم، يقررون فيها كل شيء، وفي وسعهم الدعوة الى انعقاد الجمعية العامة في الامم المتحدة لبحث الحصار الظالم غير القانوني على قطاع غزة، ولكن هذا لم يحدث ولو لمرة واحدة".
وذكر أن من يجب اشراكه في المسائل المتعلقة بالمقاومة وتكتيكاتها هي حاضنتها وجمهورها، وليست السلطة في رام الله، "فجمهور المقاومة وحاضنتها الشعبية من حقه ان يعرف ويقرر، اما من ينسق امنيًا مع العدو ويعاقب شعبه فهؤلاء شيء آخر تماما، لا يجوز أن يكون لهم دور مقرر في اي شيء يتصل بالمقاومة والتهدئة وغيرها".
يجب رفض محاولات تهميش فصائل وطنية تقاوم الاحتلال
وأكد أن عملية كسر الحصار يجب أن "تتصدر كأولوية على أجندة المقاومة والحركة الوطنية الفلسطينية عموما في الوطن والشتات، بل وفي العالم العربي والاسلامي لان نجاحنا في ذلك سيعد انتصارًا لكل الشعب الفلسطيني وليس فقط لأهلنا في القطاع".
مباحثات التهدئة
وأشار بركات إلى أن السلطة تبحث عن دور لها في مباحثات التهدئة، " رغم انهم يحاصرون غزة؛ لكنهم هم المحاصرين في الواقع، وهناك رغبة مصرية وسعودية رسمية في ان تكون السلطة موجودة في المباحثات".
وأعلن بركات عن رفضه تولي عزام الاحمد مسؤولية قيادة وفد الفصائل المتعلق بمباحثات التهدئة قائلا، " المسألة ليست الشخص، بل الفكرة، نهج عزام الاحمد تسبب في وصول جولات المصالحة الى فشل ذريع بل والى كارثة، الاحمد يزيد الطين بلة لكونه شخصية متهورة وتعمل باستمرار على قاعدة النكاية والجكر وتوتير الاجواء الوطنية وتسميمها بتصريحات غير مسؤولة ومتسرعة يعرفها شعبنا".
وأكدّ أن المقاومة لديها الحق في الاتفاق على أي تكتيك تراه مناسبًا في أي لحظة، سواء كان تصعيد الاشتباك او تخفيفه او ابرام تهدئة ميدانية دون تقديم أثمان سياسية بالطبع، "فهذا حق شرعي والنقاش حوله مطلوب بين فصائل المقاومة وحاضنتها الشعبية والنخب السياسية والثقافية والمجتمعية المختلفة"، مشيرا الى ان أهل المقاومة في غزة أدرى بشعابها.
كسر الحصار أولوية وطنية وليست مهمة شعبنا في غزة فقط
وذكر أن الفصائل حرصت على حضور السلطة لاحتواء مساعيها الرامية لتخريب الاوضاع، "فهي عمليا مغتصبة للشرعية وللمؤسسات الوطنية كلها، للأسف حتى الان يتعامل العالم معها على أنها الممثل الرسمي، ولكنها تضع نفسها في موقع الخصم والغريم لشعبنا الفلسطيني وقد بدأت قوتها تتصدع أكثر فأكثر وكلما أمعنت في سياساتها كلما عزلت نفسها أكثر".
وأوضح أن المعضلة الاساسية تكمن في "غياب جبهة مقاومة وطنية فلسطينية موحدة قادرة على ادارة شؤون القطاع وغيره، ورسم الاستراتيجية الوطنية الجامعة، تقدم برنامجها للشعب الفلسطيني في الهواء الطلق، يجب عدم الركون الى وهم "الشرعية" التي يتشدق بها ابو مازن، فالشعب الفلسطيني هو في نهاية الامر المرجعية الوحيدة لكل المرجعيات السياسية والحزبية".
ولفت إلى أن جهود التهدئة من المفترض أن تساهم في "ترييح الوضع الداخلي" وحل القضايا العالقة في الساحة الفلسطينية؛ لكن السؤال الذي يجب ان نسأله باستمرار: هل محمود عباس مستعد أن يتخلى عن سيطرته وتفرده في المؤسسات الفلسطينية؟، لا اعتقد أنه مستعد لذلك، إن تيار عباس في حركة فتح هو المعطل الحقيقي أمام تحقيق الوحدة الوطنية، فالوحدة تقطع الطريق على مشروع التصفية، والسلطة أصبحت جزءا من عملية التصفية ومشروع صفقة القرن".
المصالحة
وذكر عضو اللجنة المركزية للجبهة أن حديث عباس عن المصالحة " مجرد ذر الرماد في العيون وسياسة الكذب والدجل ذاتها"، "كل الوعود التي يطلقها لا يسعى لتنفيذها، فالمطلوب رأسه الان وفي كل حين هو سلاح وقرار المقاومة، هذا هو جوهر الموضوع كله، المعسكر المعادي للمقاومة ولشعبنا يريد السلاح في غزة كسلاح لحماية امتيازات طبقة محددة كالأمن في الضفة، سلاح يقطع به رأس المقاومة وليس سلاحا للتحرير وحماية شعبنا".
وأشار بركات إلى أن السلطة لم تقدم أي اشارات توحي برغبتها في تحقيق الوحدة او حتى مصالحة وفق الاتفاقيات المبرمة، فمن يرى ويسمع المواقف والتصريحات اللامسؤولة وسياسة العقوبات التي فرضتها وعقدها المجلسين المركزي والوطني بدون توافق وطني، كل هذا وغيره مؤشرات سلبية خطيرة، الأصل ان تأتي حركة فتح الى برنامج المقاومة وليس جرّ قوى المقاومة الى مربع اوسلو".
وفنّد بركات ادعاءات عباس برفضه لصفقة القرن، قائلا " انهم ليسوا ضدها"، مشيرا إلى أن السلطة في رام الله بدأت تأكل نفسها على غرار الصراع الداخلي الذي جرى بين عباس ودحلان، فهؤلاء يكرهون بعضهم ويصنعون مراكز قوى لحماية أنفسهم وامتيازاتهم الشخصية وتعزيز مواقعهم داخل اجهزة السلطة وآخر همومهم هو شعبنا وحقوقه التي يجري تصفيتها على عينك يا تاجر".
وأكدّ أن السلطة تستخدم الاعلام والأمن وتوجههما ضد المقاومة في محاولة لفرض الهيمنة، "وما حصل مع عرفات والتخلص منه يجري مع عباس وهناك بحث عن قيادات بديلة له".
وفيما يتعلق بتحفظ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على مباحثات التهدئة، ذكر أن هذا الموقف يشكل مصدر قوة لفصائل المقاومة من خلال التأكيد أن هناك من يرفض التهدئة مع العدو كمبدأ ونهج، وفي كل الاحوال لا يوجد هنا من يخون الاخر".
وعرّج بركات على نتائج انعقاد المجلسين المركزي والوطني، مؤكدًا ان قيادة منظمة التحرير فاقدة للشرعية، وقراراتها غير قانونية وليست ملزمة الا لمن صاغها واصدرها.
وذكر أن المنظمة بحاجة إلى اعادة تأسيس جذري من القاعدة الى القمة في ضوء حالة الاختطاف التي تتعرض لها من قيادة السلطة، مشيرا الى ضرورة توحيد الحركة الطلابية والنقابية والنسوية لتشكل قواعد ارتكاز شعبية تشارك في صنع القرار للمرحلة المقبلة في الوطن والشتات.