قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: لماذا قتلت (إسرائيل) "اياد" مُربي الحمام؟

صورة
صورة

غزة_أمل حبيب

مسرعًا تفقد "اياد" عصفورته في قفصها الصغير، داعبها ثم أضاف لها الماء وصعد الى سطح منزلهم مسرعًا صوب بيت "الحمام" الخاص به منذ سنوات!

عصر الجمعة من كل أسبوع اعتاد ابن العشرين عامًا أن يضيف للحمام مزيدًا من الحبوب، كان يخشى أن يطيل غيابه عنها بمشاركته بمسيرة العودة الأسبوعية، لم يدرك أن سيحلق من سجن غزة ويبقى الحمام أسير الحزن عليه!

جثمان اياد!

بين السماء والأرض كان جثمان اياد حين وصل حي الشجاعية شرق مدينة غزة مسقط رأسه محمولًا على الأكتاف بعد رصاصة (إسرائيلية) استقرت في جسده لأنه خرج رافضًا جرائم المحتل في ذكرى انتفاضة الأقصى الـــ18.

"ريحتك عسل يابا.. ريحتك مسك" رددها والده حين سحبوا له أحمد من أحد رفوف ثلاجات الموتى بمجمع الشفاء الطبي، يا ترى كيف للعسل بمذاقه الحلو أن تنبعث منه رائحة كذلك، كيف تختلط مفردات اللغة والمواد ذات الطعم وأخرى ذات الرائحة ويصبح كل ما فيها متاحًا أمام والد يرثي ابنه!

بين يديه استقر وجه ابنه حتى تشبع طرف جلابيته البيضاء من دماء اياد، ظهر هذا الأب منتحبًا في معظم الصور التي التقط له لحظة الفقد، ما استطاع قوله وقتها أن الإرهاب الذي تمارسه (إسرائيل) بحق أصحاب الأرض مسكوت عنه رغم أن أبناء فلسطين ضحايا!

قد تقطع على نفسك عهدًا بألا تشاهد أي مقطع مصور من وداع شهيد، أو أي صورة تحمل الفقد بين جنباتها، تحاول الهرب من نحيب أب بات ولده جثمانا بين يديه، من أم تكابر وتزغرد أمام ثلاجات الموتى، الا أنك لن تتمكن من الهرب من والد الشهيد اياد وهو يضم طرف جلابيته الى موضع قلبه ويصرخ " دمك اجا عليا يابا.. الله يسهل عليك".

الحمام حزين!

خانته الدموع أغلب وقتنا المستقطع من عزاء ابنه، تباعًا كان يذرفها لاسيما وهو يخبرنا عن لحظة وداعه بابنه وهو مغمض العينين!

جلابية بيضاء أيضًا ظهر بها الأب خليل في أول أيام عزاء ابنه، صورة اياد استقرت بجواره، كما استقرار ذكرى ابنه في قاع القلب أو أكثر!

لماذا لا ينظر لوجه ابنه الشهيد؟، يغمض عينيه عند الصراخ، هذا الأب حاول أن يتماسك الا أن حديثه عن تربية ابنه للحمام جعلته يتألم بصوت مرتفع.

 

كيف يمكن للطير أن يُعبر عن حزنه بغياب اياد، "طار الحمام" يقول والده الذي شعر بحزن سرب من الحمام يوم تشييع جنازة ابنه، ثم يؤكد أن الجيران لاحظوا أن سربًا من الحمام يطير بشكل مستمر فوق منزله لحظة تشييع جثمان ابنه!

أخبرنا عن آخر يوم له مع اياد، أوضح بأنه اعتاد أن يشارك في مسيرات العودة، يرغب في ذلك، يشعر بأنه يؤدي واجبه تجاه وطنه، يقول " من حقي وحق أبنائي أن نقف على أرضنا أحرارًا (...) مسيرات سلمية ليش يقتلونا ".

لم تزقزق عصفورة اياد منذ غاب عنها يؤكد والده أنها تتألم عليه، يشير اليها داخل قفصها، لم يكن وحده أراد أن يتكور حول وجعه كانت هي كذلك.

يؤمن والد الشهيد أن نجله لن يكون الشهيد الأخير، وأن أصحاب الحق لابد أن يقدموا التضحيات دون توقف، يؤمن أيضًا أنه فقد دينامو البيت.

لم ينس الأب خليل أن يتساءل بحرقة، كان سؤاله ختاميًا، لم يحتاج أن نجيب عليه "هل شاهدتم من هو الإرهابي.. الله ينتقم منهم قتلوا اياد".  الثامن والعشرون من أيلول كان خريفيًا بامتياز لعائلة الشاعر شرق غزة، غاب اياد عن منزله دون عودة، تساقطت أوراق أحلامه طيلة حياته كشاب عاطل عن العمل، كابنٍ لمدينة العتمة، كمواطن محروم من حقه في السفر والعمل والتعليم، كانت جل أحلامه أن يطير الحمام بسلام فطار هو للسماء

البث المباشر