كيف تبدو الهامة هنا، ماذا عن القامة هل كانت كاملة الانتصاب أمام العلم؟، ماذا عن مفردات النشيد هل كان كاملًا، أم استقطع منه المقطع المحبب كأن رددوا " سأحيا فدائي وأمضي فدائي الى أن أعود"! اقتربوا أكثر من السياج الفاصل، لا شيء يبتغون سوى علم مرفوع على ناصية الحرية، لم ترعبهم زخات رصاص القناصة (الإسرائيلية) التي ازدادت تباعًا كلما اقتربوا أكثر، فقط يريدون تحقيق حلم صغير من أحلامهم الكبيرة التي سلبت!
شمال قطاع غزة وفي غمرة الأحداث على الحدود الشرقية لفت شبان ستة الأنظار نحوهم -قد يزيد العدد بزيادة الانتماء للوطن في قلوبهم- وهم يقومون برفع العلم الفلسطيني، وتأدية السلام الوطني خلال جمعة "انتفاضة القدس" ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
حب وحرب!
يقولون لا قواعد ولا نظريات ثابتة وقت الحب والحرب، فكيف إذا ما اجتمع الحب والحرب معًا على حدود أرض سُلبت من شباب ثائر!
شبان يلفظون آخر أنفاسهم من أجل الوطن وليس من أجل أحد، يدرك جميع من هناك أن سلميته لا تعني للعدو المتعطش للموت شيئًا، المهم أنه هنا لإثبات حقه بهذه الأرض على طريقته الخاصة.
مقطع مصور تم تداوله بشكل كبير عبر منصات التواصل الاجتماعي لشباب شمال القطاع حاولوا الوقوف لدقيقة واحدة أمام العلم!
ظهر أولهم وهو يحكم قبضته على العلم ثم يرفعه عبر عصًا خشبية، اطمئن الآخر بأنه يرفف، ثلاثة منهم رفعوا صوت مسجلهم ثم كبروا قبل ترانيم نشيدهم الوطني "فدائي"!
في خشوع تام ووقفة رسمية تخالها لعساكر خدموا في جيش التحرير، ظهر جميع الشبان في الصورة التي تناقلها النشطاء ومعظم أحرار مسيرة العودة، على رؤوسهم لف غالبيتهم الكوفية الفلسطينية، ومنهم من استخدمها لإغلاق مجرى التنفس منعًا من الاختناق بالغاز السام الذي تلقيه جيبات المحتل العسكرية على المتظاهرين بشكل متعمد.
سبعة شهداء ارتقوا خلال الجمعة الأخيرة من شمال القطاع لجنوبه، لربما ارتقى بعضهم لحظة رفرفة العلم، أو ابان ترديد الشبان "فدائي.. فدائي يا أرضي يا أرض الجدود"، تباعًا تصل الجثامين لثلاجات الموتى، بينما تصل أطراف بعضهم المبتورة قبلهم الى أقسام الطوارئ في مستشفيات القطاع، ما يهم بالنسبة لهؤلاء الشبان أنهم ابتسموا جمعيًا للصورة وحيوا العلم كما الفدائي!
لأجل الوطن يخرج هؤلاء وغيرهم ممن تظهر على محياهم ملامح الغضب، يدبكون على الحدود، يهتفون، لكننا نخذلهم غالبًا، فلا مواقف فلسطينية رسمية تصدر عن رئاسة السلطة، فقط العقوبات لغزة، وغزة ترفع العلم ومازالت.