قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: والدة الشهيد عباس: "قطعة من قلبي قد انتزعت"

الشهيد عباس
الشهيد عباس

الرسالة نت - رشا فرحات

آخر ما كتبه الشهيد محمد عباس أو حمادة، كما كانوا ينادونه في العائلة، على صفحته على فيس بوك، " أعرف طريقي جيدا وأمضي بثقة، اللهم خاتمة ترضيك"، وكأنه يرسم النهاية بنفسه، هذا ما انعكس على وجوه المشيعين وأفراد عائلته، وهم يصفون اندفاعه وجرأته!

فقد ذهبت الرسالة إلى منزله في حي الشيخ رضوان، حيث استقبلتها أمه بملامح الصابرات، وللصابرين ملامح بتنا نعرفها جيدا.

فوصفت لنا أم محمد ثاني أبنائها وأكثرهم جرأة، حيث قالت: ابني كان منذ صغره مقداما، جريئا لا يخاف، ولم يفوت جمعة واحدة الا وذهب الى الحدود، كان يصف لي شعوره حينما يقص برفقة الشباب السلك الفاصل ويدخل إلى أراضينا المحتلة: فأشعر به وكأنما يستنشق هواء عليلا لأول مرة وفرحته لا تصفها الكلمات.

وتضيف: كنت أخاف عليه، وللحق كنت أنوي أن أرسله إلى الامارات ليعمل هناك مع شقيقه الأكبر، حتى أنني اخترت له عروسا يريدها، ووعدته بأن اخطبها له قريبا، وكنت أحاول ثنيه عن المشاركة خوفا عليه، ولكنه في كل مرة يغافلني ويخرج.

وتقول " لا أستطيع وصف تلك الفرحة التي قرأتها في عينيه في المرة الأولى التي يقطع فيها السياج الحديدي ويدخل إلى الأراضي المحتلة، حيث عاد وقتها مغبرا فرحا يصرخ بأعلى صوته، وقد أخبرني وقتها أنه سجد سجدتين شكرا هناك فور دخوله، رغم أصوات الرصاص المار من فوق رأسه، لكنه كان حلما وقد تحقق أخيرا.

صديق العمر

وتزداد الأوجاع في قلب الشاب الذي لم يتجاوز الواحد والعشرين حينما خسر قبل أشهر صديقه الأقرب الشهيد يزن الطباسي، الذي استشهد قبل خمسة أشهر أثناء مشاركته في مسيرات العودة.

فتصف أمه لوعة محمد في ذلك الوقت قائلة: لقد شعرت أن ابني خسر قطعة من قلبه، كان أقرب إليه من اخوته، بل كان واحدا من أبنائي، وحينما استشهد ترك ندبة في قلب محمد، ومنذ ذلك اليوم وابني في حالة غضب قوية، يريد أن ينتقم لصديقه بأي طريقة كانت.

ثم تصف الأم التي تداري دمعتها: كان لديه حب وحماس وثورة في داخله مختلفة عن أي شاب في عمره، لا يوقفه شيء، ولم يكن هو الشهيد الأول الذي لوع قلبي، فأنا أعرف جيدا ما معنى الرحيل، والفقد، وكم هو قاسٍ، فأنا ابنة شهيد وشقيقة شهيدين، وها أنا الآن أم لشهيد.

وتضيف لافتة: هناك فرق بين أن تموت أعزل، وأن تموت حاملا لسلاحك، فأبي وأخوتي رحلوا حاملين لسلاحهم مجاهدين في سبيل الله، وأنا الآن أدعوا المقاومة لأن تزود أبناءنا بالسلاح ليرحلوا مجاهدين مقبلين، فلن يكترث لنا العالم لو متنا بالآلاف لأن هذا العالم جبان يخشى من قول كلمة الحق.

محبس الفضة

ولأنه يعلم ما كان ينتظره في ذلك اليوم انتزع محمد محبسه الفضة الذي كان يرتديه في يده، وأعطاه لخالته قبل خروجه يوم الجمعة قائلا: إذا عدت سأستعيده منك، وإذا لم أعد أعطيه لأمي واطلبي منها ألا تفرط فيه أبدا، فربما كان يعلم أنه لن يعود!

وبالفعل، لم يعد محمد تلك الليلة وتكمل أمه واصفة صدمتها:" في تمام السادسة مساء يوم الجمعة، سمعت رنين هاتفي، وأخبروني أن ابني قد أصيب بكتفه، لكن حينما وصلنا إلى مستشفى الشفاء اكتشفت أنه قد أصيب بثلاث طلقات واحدة في رأسه وأخرى في وجهه والثالثة في صدره!

متسائلة: لماذا يطلق على شاب أعزل كل هذا الرصاص، ما الذي يخيف الاحتلال في شباب يتظاهر تظاهرا سلميا؟! لماذا فعلوا ذلك بي، وكأن الرصاصات التي اخترقت جسد ابني قد اخترقت جسدي أنا أيضا.

وتسقط دمعة منها لتضيف: الآن فقط شعرت بما في قلوب أمهات الشهداء، فكيف يمكن أن ينتزع أحدهم قطعة من قلبك ويخرج بها بعيدا، هذا ما شعرت به عند رحيل ابني، وجع لا يشبهه وجع، ولكني في ذات الوقت فخورة بأني أصبحت أم الشهيد وأخت الشهيد وابنة الشهيد، فأي شرف هذا الذي أعطاني إياه الله؟!

وقد شيعت الجماهير في قطاع غزة ظهر السبت جثامين 7 شهداء جمعة "انتفاضة القدس" كان محمد عباس واحدا منهم، وذلك ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى حيث ارتقى الشهداء يوم الجمعة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي شرق قطاع غزة.

وبارتقاء الشهداء السبعة يرتفع عدد شهداء مسيرة العودة منذ انطلاقها في 30 مارس الماضي إلى 204 شهداء بينهم نحو 30 طفلًا وإصابة نحو 22 الفًا آخرين.

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر