حينما يقف عمار النجار أمام مبنى الكونجرس الأمريكي يتذكر أصوله الفلسطينية، وكيف يمكن أن يدور به الزمن إلى هذه الدرجة ويصل إلى تلك المقاعد، وكيف يمكن لهذا الوصول أن يغير من قيمة الرسالة الفلسطينية، ويصل بصوتها المظلوم إلى العالم.
عمار الذي لم تغب عن ذاكرته يوما صورة محمد الدرة ميتا في حضن والده، تلك التي قال في أحد حواراته انه لن ينساها ما عاش.
كان يسأل نفسه دائما لماذا عشت ومات كثير من الأطفال غيري، رغم أني كنت أعيش طفولتي معهم في غزة، وأخيرا توصل إلى إجابة شافية تكلم عنها في حوار مع قنوات فضائية قائلا:" عشت لأنقل الرواية الفلسطينية" التي خلدتها ذاكرته وجعلته يحلم بالوصول لأنه يرى في ذلك فرصة لخدمة قضيته الفلسطينية.
حفيد الأبطال
عمار هو ابن السفير الفلسطيني ياسر النجار، وحفيد القائد الشهيد أبو يوسف النجار الذي يعتبر من أقدم أعضاء الإخوان المسلمين في فلسطين، وتحديدا من رفح، وهو الشهيد الذي اغتالته وحدة إسرائيلية في منزله في بيروت عام 1973، بعد انتمائه إلى حركة فتح وانتقاله للإقامة في بيروت.
ويذكر أن عمار هاجر مع أسرته إلى الولايات المتحدة وهو لم يتجاوز التاسعة من العمر فأكمل دراسته ثم التحق بجامعة تعلم فيها هندسة الاتصالات، قبل أن يلتحق كموظف في قسم الاتصالات بالبيت الأبيض وفي عهد الرئيس باراك أوباما، ومن ثم يرشح نفسه للكونجرس الأمريكي، حيث يعتبر أصغر مرشح حتى الآن، فهو لم يتجاوز الثامنة والعشرين، ويتلخص برنامجه الانتخابي في مواجهة ارتفاع معدلات البطالة وتوفير فرص العمل ومستقبل المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
يقول عمار نجار في مقال كتبه على شبكة "إن بي سي نيوز": "لقد رأى والدي ياسر النجار والديه يقتلان أمامه من قبل الموساد الإسرائيلي وهو لم يتجاوز الحادية عشر وعاش عمره يتيما محروما انتقل بين مصر ولبنان والمغرب بحثًا عن وطن جديد(..) وعندما بلغ الثامنة عشرة من العمر وجد نفسه عند مفترق طريق حرج، إما أن يبقى يبحث عن ملجأ في الشرق الأوسط أو ينتقل إلى أميركا".
الوصول مرعب
وحصد نجار، الذي ولد لأم مكسيكية، دعم القيادة المحلية للحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، حيث حصل على دعم 97% من المندوبين المحليين، ما أهله للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي في المقاطعة الخمسين في كاليفورنيا.
ويعتبر من الناشطين المؤيدين لأفكار السناتور بيرني ساندرز، وهذا ما أثار القلق داخل الكيان الإسرائيلي، من وصول مرشح فلسطيني إلى أروقة الكونجرس الأمريكي.
الشاب الفلسطيني عمار، نشأ نشأة وطنية، في بيت تجرع ظلم الاحتلال، فأصبح وصوله إلى الكونجرس الأمريكي مرعبا للاحتلال، لأن هذا يعني وصول الرواية الفلسطينية وترويجها على يد مسؤول أمريكي ذي أصول فلسطينية.
من أجل ذلك بدأت وسائل إعلام إسرائيلية شن حملة على عمار وعائلته لتشويه صورته، مستخدمة روايتها الكاذبة عن طريق تشويه صورة جده أبو يوسف النجار الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في "عملية فردان" في بيروت عام 1973، حيث نجح الاحتلال في تصويره كعضو هام في منظمة أيلول الأسود، التي نفذت عملية ميونخ واحتجزت فيها رهائن في ميونخ مطالبة بالإفراج عن الأسرى، وانتهت العملية بمقتل 11 لاعبا إسرائيليا.
وقد استخدمت صحيفة يديعوت أحرنوت هذه القصة كوسيلة لتشويه صورة المرشح حيث نشرت تفاصيل تصريح للمرشح قال فيه: "أنا مخوّل بكراهية (إسرائيل) بعد حادثة اغتيال جدي وجدتي التي شاهدها والدي بأم عينه عندما كان لا يتجاوز الـ11 عاما من عمره، أنا مخول لكره (إسرائيل) وإيهود براك (منفذ الاغتيال) للأبد"، وأضاف، وفقًا لما أوردته الصحف الإسرائيلية: "لم أدعم (إسرائيل) على الإطلاق ولن أدعمها أبدًا".
وسيتوجه الناخبون الأمريكيون يوم غد الثلاثاء السادس من نوفمبر لاختيار أضاء مجلس النواب الأمريكي والبالغ عددهم 435 إلى جانب اختيار 34 من أعضاء مجلس الشيوخ من إجمالي 100.