يقف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة اسرائيل أمام خيارات صعبة ، وذلك في أعقاب استقالة وزير دفاعه ليبرمان من الحكومة نتيجة الفشل في علاج مسألة غزة بشكل عام وجولة الكورنيت بشكل خاص ، و التي وصفها ليبرمان بأنها انتهت بالخضوع لحماس و الارهاب ، مما سيجعل نتنياهو بحكومة هشة مدعومة فقط من 61 عضو كنيست من اصل 120 ، و مشروطة بتسلم نفتالي بينت المكروه من قبل نتنياهو و زوجته سارة تقاليد منصب وزير الدفاع .
فخيار الحفاظ على حكومة مدعومة من 61 مقعد تعني خضوعه لشرط نفتالي بينت ، كما تعني تعرضه لابتزاز مستمر من بعض أعضاء الكنيست ( المزاجيين ) ، لذا فمن المشكوك فيه ان تستمر في العمل بشكل معقول ، إلا ان هذا الخيار ان تم و من المشكوك فيه ان يتم فسيلبي رغبة نتنياهو في إبعاد شبح الانتخابات في هذه المرحلة و سيحرم ليبرمان من قطف ثمار خطوته بالاستقالة ، و سيسمح لنتنياهو بأخذ فرصة أخرى و الابتعاد عن فشله في غزة و امتلاك زمام المبادرة .
اما الخيار الثاني وهو إجراء انتخابات مبكرة خلال ثلاثة الى أربع أشهر فهذا يعني من ضمن ما يعني خضوع لليبرمان الذي أراد انتخابات الآن ، و إظهار نتنياهو و لاول مرة كمن لا يتحكم بالقرارات الحاسمة و دخول نتنياهو لانتخابات بأجواء غير مريحة بالنسبة له ، و تحديدا من ناحية تراجع شعبيته و تزايد الانتقادات الموجهة ضده على خلفية فشله الذريع في التعامل مع مشكلة غزة .
من الصعب تحديد ماذا سيختار نتنياهو ، و لكن يمكن القول و بحذر شديد انه سيضطر للخيار الثاني أي الخضوع لليبرمان بشكل أو بآخر و مما يعزز ذلك مطالبات شركاء نتنياهو في الحكومة الحالية وهم ارئيه درعي رئيس حركة شاس ، و موشيه كحلون رئيس حزب كلنا بعقد انتخابات مبكرة في موعد متفق عليه .
لم يخضع نتنياهو في حقيقة الامر لا لليبرمان و لا لنفتالي بينت بل خضع لإرادة و صمود الشعب الفلسطيني و مقاومته الباسلة في قطاع غزة ، و التي وجهت و تحديدا في جولة المواجهة الاخيرة ضربة قوية لاشد حكومات اسرائيل يمينية و تطرفا ، و قد تكون قد وجهت ايضا ضربة قاسية للمشروع الصهيوني بصيغته اليمينية القومية الاستيطانية المتطرفة ، و ذلك في وقت استطاع فيه هذا المشروع استغلال ما يسمى بالعملية السلمية و ركنها الركين التنسيق الامني للتوسع و زيادة الاستيطان على الارض الفلسطينية ، و في هذا قد يكتب الكثير .