قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: شهيد "القرا" زف بالورود مرتين في أسبوع

الشهيد محمد القرا
الشهيد محمد القرا

الرسالة- مها شهوان

قبل أسبوع وفي ذات المكان، حيث قاعة البيت الكبيرة علقت الزينة والورود وصحن "الحنة" الكبير ليزف الشاب محمد القرا -23 عاما- إلى عروسه "أحلام"، علت المهاهاة والزغاريد من وراء الستار فدوت زغرودة والدته في المكان، ليبادلها أصدقاء العريس ومن حولها التبريكات "مبروك فرحتك بمحمد"، وقتئذ الفرحة لم تسعها فقد انتظرت كثيرا حتى رأته عريسا، وحلمت أكثر أن ترى صغاره وتخبرهم عن شقاوة والدهم.

عاد المشهد من جديد، لكن تبدلت الزغاريد بدموع الحزن على فراق ولدها الشهيد، حينما حمله أصدقاؤه مسجيا لتودعه وتطبع قبلتها الأخيرة على جبينه، وبمجرد أن لمحته محمولا هرعت حيث كيس "الورود" الذي لايزال مكانه منذ يوم فرحه، تناولته وراحت تنثر على جسده وتبكيه مرددة "الله يسهل عليك يما".

لم ينته الموقف هنا، فلم تستوعب العروس "أحلام" ما حدث لها، حينما أدخلوه لتودعه احتارت كيف تودعه هل تطبع قبلة على جبينه، أم تربت على كتفه، أم تنظر إلى تفاصيل وجهه، لكن هي دقائق قليلة حتى حملوه واختفى عن ناظريها، فما كان منها إلا أن قفزت على نعشه لتناديه "محمد، محمد" عله يجيبها.

تلك حكاية "عروس" دخلت بيت عريسها بثوبها الأبيض، وخرجت منه بردائها الأسود وقلب مكسور، وذكريات قليلة عاشتها برفقته بين جدران بيتهم المتواضع ما بين "ضحكات وطبخة نجحت في اعدادها".

كان زفاف "محمد وأحلام" على وقع أنغام أناشيد مسيرات العودة، وبعد أسبوع فرقتهما الشهادة، لكنها موقنة أنها ستلاقيه في الجنة كما تردد وستكون "حوريته".

واستشهد الشاب القرا برفقة الشهيد نور الدين بركة و5 شهداء آخرين أثناء التصدي لتسلل قوة خاصة للاحتلال شرق مدينة خان يونس.

وسط جموع النسوة جلست والدة "محمد" تربت على كتف كنتها "العروس" محاولة الايحاء بالصبر، لكن دموعها كانت تنساب فهو فلذة كبدها، تقول:" الله ينتقم منهم اليهود".

وتروي تفاصيل اللحظات الأخيرة:" جاء لزيارتي، وبعد ساعات قليلة خرج للصلاة (..) قبل يدي وخرج مسرعا"، فهي لم تتوقع أن يعود شهيدا لحظتها رغم حبه للوطن، لكن ما هي الا دقائق حتى جاءها خبر استشهاده تعلق وهي تفرك بيديها "الله يصبرني ويتقبله شهيدا".

أما جدته التي تجاوزت الثمانين من عمرها، كانت تراقب بصمت جموع المعزيات، ثم تنظر نحو الباب عله يدخل ليلقي السلام عليها كما اعتاد، تحكي:" لم يخبروني منذ اللحظة الأولى باستشهاده، لاحظت حركة غريبة في البيت"، متابعة وكأنها لم تصدق ما حدث لحفيدها العريس" طلب حفيدي أن أتحلى بالصبر والقوة ليقول لي "محمد" استشهد".

وتردد جدته بين الحضور:" الله يرحمه، قبل يوم كان عندي، كيف قتلوه وهو عريس من أسبوع (..) امبارح كنت أزغرتله واليوم أدعو له بالرحمة، "الله يرحمك يا ستي".

رحل "محمد" وبقيت صفحته على الفيسبوك مزارا لأصدقائه يسترجعون ذكرياتهم معه بالتعليقات التي كان يرد عليها، فدماثة خلقه كانت تجذب كل من يعرفه، كما عرف عنه حبه للقدس وحلمه الدائم للصلاة في المسجد الأقصى.

البث المباشر