قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: بين كمين العلم و"بنشر" العجل

صورة
صورة

بقلم/ سعيد حسنين

ليس خافيا على أحد الدور الذي تقوم به فصائل المقاومة في قطاع غزة من اجل رفع الحصار الظالم عن هذا القطاع الابي المحاصر منذ أحد عشر عاما، وليس سرا ان اسرائيل تعمل في الليل والنهار مع كل قوتها العسكرية والاستخباراتية، وتتعاون مع العملاء الساقطين والمأجورين، من اجل الوصول الى رموز المقاومة وقطف رؤوسهم، والقضاء على ما تبقى من كرامة فلسطينية وعربية، وكل ذلك من اجل اخضاع غزة وإسقاطها، وفرض الواقع الاحتلالي الذي يريده نتنياهو ومن لف لفه. لكن هيهات لهذا الامر ان يحصل ما دام رجال الله على الارض يقفون بالمرصاد للمحتل الغاصب وللصهاينة الجدد الذين باعوا أنفسهم للشيطان، ففي الاسبوع الماضي وقفت، كما الالاف لا بل الملايين اما منظرين نقيضين (فلسطينيا وربما عربيا وعالميا)، أمام "كمين العلم" الذي نفذه رجال المقاومة على الشريط الزائل في محيط قطاع العزة، وبين "حادثة العجل" التي حصلت في الضفة الغربية المحتلة.

في الحالة الأولى رأينا السارية المفخخة التي أردت عددا من جنود الاحتلال قتلى وجرحى في مشهد قلّ نظيره من ناحية أنه ابتكار غير مسبوق في تاريخ المقاومة، حيث الحاجة أم الاختراع لمقاومة الظلم واسترداد الحق المسلوب، رجال يسعون الى الدفاع عن الوطن وعن كرامة الامة ورفع الحصار الجائر عن غزة... فيما شاهد العالم بأسره سلوك من كان يوما يحسب مقاوما في الضفة الغربية المحتلة، وأقول المحتلة لأنه لا يوجد هناك دولة ولا حتى ما يشبه الدولة، بل هي مجرد بعض الكانتونات المجزأة والتي يتم التحكم فيها والتحرك ومنها واليها  من خلال فرمانات يصدرها الاحتلال، لدرجة أن من يخرج من رام الله وغيرها من المدن الفلسطينية الى خارج الوطن، لن يخرج إلا بموافقة دولة الاحتلال التي تمسك بزمام الامور.

كلنا تابع المنظر الآخر المعاكس لنهج المقاومة، المسلك الاستسلامي الذي تعدى حدود التنسيق الامني البائس، والذي تتجسد فيه سخرية القدر بكل تفاصيلها عندما ترى أمين سر حركة فتح في مدينة يطا، د.كمال مخامرة، ومدير شرطة الخليل العقيد احمد ابو الرب، وهما يقدمان العون لدورية عسكرية اسرائيلية في مشهد انبطاحي هزيل لتغيير دولاب المركبة الذي اعطب، ومن يدري قد ان كانت هذه المركبة في طريقها لاعتقال قيادات فلسطينية في المنطقة، أو تسعى الى هدم منزل او منازل فلسطينية؟،  فهل من مهام السلطة الفلسطينية أيضا يتضمن تقديم الخدمات وما هو أبعد من التنسيق الامني المخزي أصلا؟!!.

لقد بلغ الامر حد الوقاحة السياسية والتنازل عن المبادئ والقيم الاخلاقية منذ زمن بعيد، ولكن تقديم مساعدة مجانية لدورية احتلالية غاصبة لا تعمل إلا على ضرب الفلسطيني اينما كان، فلا شك أنها الصورة الأوضح في وصف تهالك وتردي الحالة الوطنية هناك، هي جلية ولا تترك لأحد أي فرصة أو احتمال للتبرير واعتماد مبدأ حسن النية... هناك من قرر ان ينسق أمنيا وان يتعاون مع العدو علنا، وهناك من قرر ان يبقى قابضا على الزناد واقفا بالمرصاد لكل متربص بشعبه وبأرضه وبمقدساته. من جهتي، فقد وصلت الى قناعة تامة الى انه لا يمكن ان يحقق شعبي الفلسطيني مبتغاه من خلال مؤامرة اوسلو التي امتدت جذورها الى  ما بعد بعد التنسيق الامني، وكما يبدو فان الحديث عن اعادة اللحمة الفلسطينية وطي صفحة الانقسام سيبقى حديثا في الهواء، لأننا نقف امام مسارين، مسار اتخذ من التخاذل والتراجع والترهل مسلكا له لا يحيد عنه مهما حصل، ومسار قرر انه لا تحرير إلا بمقاومة الاحتلال بعزة وكرامة، دون كلل او ملل او تراجع مهما بلغ الصلف ألاحتلالي ومها كانت التضحيات جساما، وهما خطان متوازيان من المستحيل ان يلتقيا.

 القضية الفلسطينية قضية مقدسة، ولا يملك أحد الحق بالعبث فيها ولا التلاعب بمصير شعبها، فلا تراجع حتى تحقيق التحرير الحقيقي لتكون ارضنا طاهرة نقية من دنس الاحتلال، دون مساومات وتلاعب والتفاف على الثوابت والمقاومة ورجالاتها.

البث المباشر