استمرار السلطة الفلسطينية وحركة فتح في فرض عقوباتها على قطاع غزة، والتلويح عبر مسؤول ملف المصالحة فيها عزام الأحمد بالتوجه لفرض "عقوبات" جديدة خلال الأيام المقبلة، يعكس نوايا الحركة لإفشال أي جهود يمكن أن تدفع عجلة المصالحة الفلسطينية إلى الأمام.
وشهدت الأيام الماضية حراكا مصريا جديدا في ملف المصالحة على أساس ورقة مقاربة بين طلبات حركة فتح وشروط حركة حماس، بإصدار رؤية مصرية تصلح للتنفيذ في إطار آليات وأجندة زمنية محددة، ولاقى ذلك اهتماما جادا من حركة حماس، فيما تهربت "فتح" من الموافقة عليه وردت على ذلك بجملة من التصريحات الرافضة للمصالحة.
وتتشبث "فتح" بمصطلح "التمكين" الشامل والكامل لحكومة الحمد الله من العمل في قطاع غزة على غرار الضفة المحتلة، وهو ما ترفضه حركة حماس وتعتبره إقصاءً وتفردا بالقرار الوطني الفلسطيني وضربا لمبدأ الشراكة، لا سيما وأن الأخيرة فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بأغلبية ساحقة.
ووسط حالة الركود القائمة، إلا أن حركة حماس لا تزال تبقي الباب مشرعا لدفع جهود تحقيق المصالحة، عبر دعوتها إلى ضرورة البحث عن آليات جديدة من شأنها تنفيذ المصالحة على أساس اتفاق القاهرة 2011.
وقال القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق إن اتفاقية 2011 هي الأساس الذي يجب أن ننطلق من خلاله لتحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة المجتمعية وأمننا الوطني، وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل الكل.
واعتبر أبو مرزوق في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر أمس، أن اتفاقية 2017 مجرد آليات لتطبيق اتفاقية المصالحة 2011. ورأى أنه إذا لم تنجح هذه الآليات، فلنبحث عن آليات جديدة لإنجاح اتفاقية 2011.
نوايا ومؤشرات
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن نجاح أي جهد للمصالحة وإحداث اختراق يتطلب بالدرجة الأولى توفر إرادة حقيقية لدى حركة فتح ودفعها الاستحقاقات التي وقعتها في الاتفاقات السابقة والقائمة على مرجعية اتفاق القاهرة 2011 وصولا إلى 2017.
ويوضح الغريب في حديث لـ"الرسالة" أن هذه المسألة تتطلب قرارا وطنيا مستقلا على قاعدة الشراكة والاهتمام بالقرار الوطني المشترك بعيدا عن سياسة الاحلال والتفرد التي تريده حركة فتح.
وينبه إلى أنه لا توجد مؤشرات أو بوادر حسن نية لتحقيق المصالحة، طالما بقيت السلطة متشبثة بقرار فرض العقوبات على قطاع غزة وهو ما يعكس الموقف الحقيقي لـ" فتح" والسلطة لأن العقوبات لا مبرر لها ومنبوذة من الكل الفلسطيني.
ويشير الغريب إلى أن المطلوب هو مراجعات حقيقية تجريها السلطة وحركة فتح تجاه الإهمال بالعمل الوطني المشترك على قاعدة أن الوطن للجميع ولا يمكن أن تكون مرحلة الاحلال والتفرد هي الحل تجاه ما تتعرض القضية الفلسطينية من مؤامرات وما يعرف بصفقة القرن.
فرصة الخروج
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، أنه لا يمكن أن نتصور أن تظهر السلطة أي مرونة عن اتفاق العام الماضي ومطلبها بالتمكين الكامل وقد أصبح واضحاً ماذا تعني به كسلطة واحدة وسلاح واحد وهنا تبدو المواقف لازالت متباعدة كثيراً فلكل تفسيره حتى للتفاصيل وهذا ما يصطدم به أي اتفاق تم توقيعه.
ورغم ما سبق يضيف الكاتب عطا الله في مقال له أن فرصة الخروج من النفق مازالت قائمة وبالقدر الذي تبدو فيه المصالحة بالغة الصعوبة بنفس القدر تبدو فيه بالغة السهولة فالمصالحة ليست بحاجة الى معجزة إذا ما أيقنت أطرافها أن السلطة هي سلطة الشعب وليست سلطة الحزب وأن تمكين الشعب هو الأهم، تمكينه من الحياة والصمود في وطنه لا خلق أجواء تدفعه للرحيل وأن السلطة هي عملية شراكة بين أطراف مختلفة.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن المخرج الوحيد لتحقيق المصالحة مرهون في تقديم حركة فتح مرونة أكثر والتخلي عن مبدأ سياسة الاحلال والتفرد في القرار الوطني، الذي بات مرفوضا من الكل الفلسطيني.