قائد الطوفان قائد الطوفان

جدارْ

بقلم/ آلاء نعيم القطراوي

أبي

صرنا نحبُّ الزيتَ والزيتونَ والزعترْ

إذا ما حاكمٌ أفنى

حدودَ القلبِ والمعبَرْ

فسمّي ثورتي سيفاً من الكلماتِ

تورقُ في مآقينا لها منبَرْ

وزِدْ يا حاكمَ الجدرانِ للجدرانِ أقفالكْ

وزِدْ في رفعِ أسواركْ

وزِدْ في قلبنا الأغلالَ ليسَ لقلبنا

مخفَرْ

وصنفني مع الإرهابِ ..

ليسَ يهمّني تصنيفُ من كانت حجارتهُ لهُ أكبرْ

ألم تسمع ... ؟

بطفلٍ واقفٍ يجترُّ فصلَ الموتِ كي يحيى

وشيخٍ دونَ عكازٍ يرتبُ وجهَ أحزانِ المخيمِ

يعرف الحرف الذي يحكي له اثأر

ويفهم أين تكمنُ قصةُ الموتِ الأخيرِ

وقصةُ الحلمِ الذي من دمِّ أطرافِ الأزقةِ

والشوارعِ

والجوامعِ

والحماماتِ المعلقةِ بطرفِ السورِ

والقرآنِ

ها يزهرْ

فلا تسأل أيا تاريخَ أوطاني عن الجيرانْ

فبيع الخبز من زمنٍ

وصار طحيننا أحزانْ

وكان البلبل النيليُّ يسمعنا أناشيداً

كفيروزَ التي غنّت :

" صباحُ الخير يا وطني "

وغنّى بعدها الصبيانْ

فلم تشعل مدينتنا سوى صمتٍ

سوى دمعٍ

فكل نزيفنا ألحانْ

وصار غناؤها دمعاً يلاقي دمعَ أوطاني

وفي طرفٍ من الكتبِ القديمةِ

عن صلاحِ الدينِ والإفرنجِ

عن أكتوبر الدستورِ والميدانْ

أرى نهرينِ منكسرينِ يلتقيانْ

وسوسنةٌ تخبئُ نفسها خوف اعتناق الريحِ

في زمنٍ يحبُّ النسمةَ الخجلى

ويكرهُ نسمةَ الفيضانْ

فلا تسأل أيا تاريخَ أوطاني عن الجيرانْ

فكلُّ زماننا كانَ

وكُنْ لا تقبلُ الإعرابَ حسبَ

سياسةِ السلطانْ

وإنّي الآنَ يا أبتي

بلا فهمٍ

بلا وعيٍّ

بلا عنوانْ

فإنّي غاضبٌ حتماً

وإن سمائنا بركانْ

وإنّ العاشقَ المجنونَ لم يشعل سوى شمعةْ

لكي تزهو خمائل عشقهِ ألوانْ

وإنَّ محطةَ التوليدِ لن تحتاجَ بعد اليومِ للسولارِ

والبنزينِ والميثانْ

فإنَّ غناءَ أطفالِ المدارسِ :

"عائدونَ بكل يومٍ "

يشعل الحنّون حنوناً

ويشعل سقفَ أعمدةِ الإنارةِ بالحنانْ

وإن شئنا يصير بقربنا تشرين شهراً

دافئاً يرتاحُ عند ظلالهِ نيسانْ

فهل أخبرتَ منْ باعَ القلوبَ

بحائطٍ ضخمٍ وسلكٍ شائكٍ

ألا يخيط جراحنا بالملحِ

إنَّ الملحَ يفهمُ حزنَ بحرٍ لا يقولُ

الآهَ إنْ حتّى تغيّرت الوجوه بعينهِ

وتكالبت في ضدّهِ الأزمانْ !

أيا أبتي

أرى قفلاً جديداً يوضعُ الآن على أسوارِ قريتنا

وشيئاً من زغاريدِ السياسيين

في مذياعِ جارتنا أنا أسمعْ

وكل دقيقةٍ زادوا بوضعِ القفلِ ها أضحكْ

وربّي ها أنا أضحكْ

فذاكَ القفلُ يورقُ في ثناياهُ بساتينٌ من الحنونِ

والإكليلِ والزيتونِ والزعتَرْ

فأغلق يا أخي المعبرْ

وزدْ في رفعها الجدرانْ ... !! 

البث المباشر