قائد الطوفان قائد الطوفان

لا تظنوا الأمر غريبًا

المجرمون يخفون معالم الجريمة التي اشتركوا في اقترافها

مواطنون يشيعون أطفالا سقطوا في حرب غزة
مواطنون يشيعون أطفالا سقطوا في حرب غزة

رامي خريس- الرسالة نت

   

عاشت فلسطين خلال الأيام الماضية أحداثاً ساخنة وهامة منها محاولات اقتحام المسجد الأقصى والوقفة الشجاعة من المرابطين الذين قاموا بصدها في موقف ذكر ببدء اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000.

  وكان لتحرير 20 أسيرة مقابل إعطاء معلومات عن حياة الجندي الإسرائيلي المحتجز لدى فصائل المقاومة جلعاد شاليط بمثابة انجاز جديد تحققه المقاومة الفلسطينية التي بثت الشريط المصور الذي تسلمت (إسرائيل) نسخة عنه ، يظهر فيه الجندي وهو يطالب حكومته بالاستجابة لمطالب المجاهدين من كتائب القسام.

 وكان الفلسطينيون يتوقعون تحقيق انجاز آخر على صعيد فضح جرائم الاحتلال الذي بدا محشوراً في زاوية الاتهامات التي وجهت له بعد تقرير غولدستون إلا أن السلطة في رام الله فاجأت الجميع عندما قدمت طوق النجاة للاحتلال وحكومته بالمشاركة في مؤامرة تأجيل مناقشة التقرير.

مفاجآت

     وبدأ بعد فعلة السلطة التي وصفت بالخيانية تارة وبالمخجلة تارة أخرى وبغيرها من الأوصاف الذميمة التي أطلقت من الصديق قبل العدو مسلسل آخر من المفاجآت ، فبعد أن تبنت قيادة السلطة القرار وقالت أنه جاء لمصلحة الفلسطينيين عادت وقالت أنها شكلت لجنة للتحقيق في ملابسات قرار التأجيل.

     والغريب في الأمر أن عددا كبيرا من قادة السلطة وحركة فتح خرجوا يتنصلون من قرار التأجيل بل وطالب بعضهم بمحاكمة الذين يقفون خلف الإيعاز لممثلهم إبراهيم خريشة بطلب تأجيل مناقشة التقرير ، وكان أكثر الأمور غرابة هو المرسوم الرئاسي الذي أصدره رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس والذي أعلنه ياسر عبد ربه تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في ملابسات تأجيل مناقشة التقرير وتقديم تقرير بذلك إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

  إذن من يقف وراء القرار؟ هكذا تساءل العديد من المراقبين ، هل هو سلام فياض رئيس حكومة عباس في رام الله؟ هذا ما قالته بعض المصادر التي أشارت إلى أن فياض تلقى اتصالات من واشنطن وتل أبيب، "وصلت إلى حد التهديد بقطع كل المساعدات التي تمنحها الإدارة الأميركية للسلطة الفلسطينية، وكذلك توقيف (إسرائيل) لعائدات الضرائب التي تعتمد عليها السلطة في دفع رواتب موظفيها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

  وأكدت المصادر أنه، وعقب الاتصالات التي تلقاها، قام فياض بممارسة ضغوط على عباس لسحب القرار، لأن ذلك سيشكل عقبة كبيرة أمام المشروعات الاقتصادية في الضفة، ما ينعكس سلبا على أداء حكومته.

 وذكرت أن حالة من الغضب تنتاب السلطة وعباس، عقب ردود أفعال قوية تلقتها السلطة من منظمات حقوق الإنسان والفصائل الفلسطينية على قرارها سحب دعمها لمشروع التصويت على مشروع قرار بإحالة التقرير إلى مجلس الأمن.

الخطيئة

  ومع هذا فإن أكثر المراقبين يرفضون تبرئة عباس من الخطيئة ، فرئيس السلطة بيده القرار النهائي ومنه تلقى السفير خريشة أوامره ، ولكن يبدو أن عباس وجد أن ردة الفعل اكبر مما كان يتصور فحاول التهرب من المسؤولية .

 ويرى المراقبون أن عباس وفياض شريكان في النهاية في مشروع واحد ، ويسيران في مركب واحد يتجه نحو التسوية بأي ثمن والاستجابة لأي طلب ، أو هما تحت الطلب الإسرائيلي والأمر الأمريكي.

  وتشير المصادر إلى أن الحكومة الإسرائيلية طلبت من الولايات المتحدة التدخل لسحب مناقشة المشروع لما يسببه من حرج لها ، فألقت الإدارة الأمريكية أوامرها إلى عدة دول من بينها السلطة في رام الله التي لا تستطيع أن تقول "لا" فمصالح عباس وفياض وسلطتهما مرتبطة بشكل كبير بالدعم المالي الذي تتلقاه من الغرب ، بل إن وجودهما قائم على هذا الدعم ، ولذلك لا يستطيعان أن يخالفا الأوامر ، وهنا يبدو واضحاً مدى التطور السلبي الذي أصاب المروجين لعملية التسوية من دعاة تنازل إلى مدافعين عن المجرم ومشتركين بشكل مباشر في الجريمة وهذا ما أكدته تصريحات ليبرمان الذي قال أن السلطة توسلت إليهم لاستمرار الحرب الأخيرة على غزة.

وهنا لا غرابة أن يتشارك المجرمون في إخفاء معالم الجريمة التي اشتركوا في اقترافه.

 

البث المباشر