مجددا وللمرة الخامسة خلال العام الجاري يتمكن مسيحيو القدس من إيقاف مشروع قانون (إسرائيلي) يهدف للسيطرة على أملاك وعقارات الكنائس في القدس، تحت ضغط دولي ناتج عن مناشدات أطلقها المسيحيون للعالم للتدخل ووقف الهجوم (الإسرائيلي).
وبعد محاولات عدد من أعضاء الكنيست إلحاق الضرر بالمجتمع المسيحي عشية عيد الميلاد، من خلال طرح قانون يشرعن مصادرة و"تأميم" أملاك وعقارات الكنائس للمرة الخامسة هذا العام، تمكن بطاركة ورؤساء كنائس القدس من تحقيق انتصار آخر من خلال تفعيل ضغط دولي على (إسرائيل) ودفعها لإلغاء طرح القانون.
وفي تفاصيل ما جرى، أصدر بطاركة ورؤساء كنائس القدس بياناً توضيحياً حول هذه المحاولة، أكدوا فيه "أنهم لن يتنازلوا عن حقوق كنائسهم ورعاياهم"، كما عبروا عن قلقهم وترقبهم لجميع المحاولات للنيل من الكنائس والمقدسات.
وجاء في البيان: "اقترح أعضاء في الكنيست على اللجنة الوزارية للتشريع مرة أخرى، القانون العنصري الذي يقيد حقوق الكنائس والمؤسسات المسيحية في حرية التعامل مع ممتلكاتها، ويهدد الدخل المادي من تلك الممتلكات والذي يدعم مهمة الكنيسة الإنسانية ورعاية الأماكن المقدسة".
وأشار البيان إلى أن "هذه هي المرة الخامسة التي تقدم فيها اللجنة هذا التشريع تحت مسميات مختلفة لكن بنفس الجوهر والأهداف. إلا أن توقيت هذه المحاولة الأخيرة، قبل أيام قليلة من الاحتفال بميلاد المسيح، كان ينم عن عمل مقصود مكلل بانعدام الحس الإنساني".
وكان بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث أعلن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعد في فبرير/شباط الماضي بوقف العمل على تمرير هذا القانون ووقف الإجراءات الضريبية بحق الكنائس مقابل إعادة فتح كنيسة القيامة بعد إغلاقها بقرار من الكنائس ثلاثة أيام احتجاجا على الممارسات الإسرائيلية.
وختم البيان القول "سنبقى حذرين ورافضين التنازل عن حقوقنا الأساسية. كما أننا نكرر استعدادنا للحوار، لكننا في الوقت نفسه نقف متحدين وحازمين في رفضنا للأفعال الأحادية الجانب التي تقوض وجودنا في هذه الأرض المقدسة".
وكان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان قد كشف عن أن وزيرة القضاء بحكومة الاحتلال، أييليت شاكيد، أعلنت أنها تسعى إلى سن قانون يهدف إلى مصادرة أراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس، بادعاء "حماية" مبان أقيمت فيها و"يسكنها (إسرائيليون)، وأن البطريركية الأرثوذكسية في القدس "باعت هذه الأراضي لمقاولين (إسرائيليين)".
كما تعتزم تمرير مشروع قانون أعدته عضو الكنيست راحيل عزاريا، من حزب "كولانو"، في اجتماع اللجنة الوزارية للتشريع، يدعو إلى "تأميم" هذه الاراضي، التي استأجرتها "كيرن كييمت" من البطريركية في خمسينيات القرن الماضي لمدة 99 عاما وينص مشروع القانون أيضا على نقل الحقوق في هذه الأراضي إلى "ملكية الدولة" مقابل تعويض يحصل عليه المقاولون.
وفي التعقيب على ذلك، قال رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس المطران عطا الله حنا إن كل أهل القدس المسلمون منهم والمسيحيون يقفون مجددا في وجه المشاريع العنصرية التي تهدف إلى السيطرة على الأملاك المقدسة الإسلامية والمسيحية على حد سواء، وسنبقى على العهد الذي قطعناه على أنفسنا بالدفاع عن كل الأماكن المقدسة مهما كلف الأمر.
وأضاف المطران حنا في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن معركة المواجهة مع هذا المشروع لم تنتهِ بعد، فالاحتلال لن يمل من محاولاته، ونحن في المقابل لا نمل من الضغط والرفض للمشروع، وسنخبر العالم أجمع بحقيقة ما يسعى له الاحتلال اتجاه الأماكن المقدسة، داعيا كل أحرار العالم للوقوف إلى جوار الأماكن المقدسة في ظل الهجمة (الإسرائيلية).
ومن جهته، قال ديمتري دلياني الامين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة إن بعض النواب في الكنيست (الإسرائيلي) ما زالوا يصرون على إعادة الحديث عن مشروع القانون المتعلق بالأملاك التابعة للكنائس بالقدس، برغم كل الضغوط الدولية التي تواجه حكومة الاحتلال بسبب هذا الملف.
وأضاف دلياني في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن المطالبة الآن تتعلق بإلغاء مشروع القانون نهائيا والحصول على تعهد بعدم طرحه مجددا، وبضمانات دولية، بما يحقق الأمان للأماكن المقدسة، التي يشهد التاريخ بأحقية المسيحيين فيها، برغم كل محاولات تشويه التاريخ من بعض (الإسرائيليين)، مشيرا إلى وجود تقصير من الجهات الفلسطينية الرسمية من متابعة هذا الملف في المؤسسات الدولية الحقوقية والقانونية.
ويظهر من السعي (الإسرائيلي) في القدس محاولات السيطرة على كل الأملاك المقدسة سواء مسيحية أو إسلامية، في سباق التهويد الذي بلغ أشده مؤخرا، في ظل غياب الدعم والمتابعة من الأطراف الإسلامية والعربية وكذا الدولية ذات العلاقة.