يستعد رئيس السلطة محمود عباس لإجراء تغييرات كبيرة على النظام الداخلي الفلسطيني وفقاً للمستجدات التي تجري على الساحة الفلسطينية، بعدما قضى على آخر فرص المصالحة وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر من خلال حل المجلس التشريعي وسحب موظفين السلطة من معبر رفح.
ويبدو أن على رأس هذه المتغيرات، التعديل الوزاري الواسع الذي من المتوقع أن يجري على حكومة رامي الحمدالله ويطال رئاسة الوزراء، حيث من المتوقع أن يكون اجتماع اللجنة المركزية، لحركة فتح المقرر اليوم الخميس في رام الله حاسما اتجاه عدة قضايا أبرزها مسألة الحكومة والانتخابات.
وقال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول في تصريحات صحفية "جزء مما سنبحثه موضوع الانتخابات، خاصة بعد قرار حلّ المجلس التشريعي، مضيفاً أنه ربما لا تكون هناك انتخابات تشريعية، وربما تكون انتخابات عامة، لأننا أصبحنا دولة الآن، كما سيتم بحث ملف الحكومة الفصائلية، والتي ستعد للانتخابات، خلال الفترة المقبلة.
ويتناغم ذلك مع ما كشف عن نية عباس تحويل السلطة إلى دولة من خلال التوجه لمجلس الأمن لطلب العضوية الكاملة وإجراء انتخابات مجلس تأسيسي للمنظمة وبالتالي تشكيل حكومة منظمة التحرير التي تسيطر عليها فتح بالكامل.
الحديث عن التعديل الوزاري ليس جديدا بل هو رغبة فتحاوية منذ فترة، خاصة خلال العام الماضي حيث ضغطت مركزية الحركة على عباس لتغيير الحمدالله، وهناك من يذهب لأبعد من ذلك بأن التعديل يستهدف رئيس الحكومة تحديداً وباقي التعديلات الوزارية تحصيل حاصل.
ولا تخفي شخصيات كبيرة من فتح خلافها مع الحمدالله أبرزهم عزام الأحمد وشخصيات أخرى، حيث ترى أن الرجل الذي تولى رئاسة الحكومة منذ العام 2013 خلفاً لسلام فياض بدأ يتسع نفوذه في الحكومة ويعمل وفق أجندته ومصلحته الشخصية بعيداً عن رغبات فتح التي تتعامل مع الحكومة على أنها حكومتها ويجب أن تلبي مطالبها وتعمل وفق أجندتها.
وهو لا يختلف كثيرا عن خلاف فتح مع فياض الذي عمل بأجندته الخاصة ما دفع أقطابا كبيرة في الحركة للضغط بقوة لإزاحته وذات السيناريو يتكرر مع الحمدالله.
السبب الآخر أن الحمدالله ذو طموح سياسي خاص -حسب رؤية فتح- وبرز ذلك بقوة حينما حاول أن يحصل على عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة خلال دورة المجلس الوطني الأخير عام 2018 وهو ما تصدت له فتح بقوة.
وفي المقابل ترغب فتح التي صرح عدد من قادتها أن هناك بشريات لموظفي السلطة في غزة ربما تكون رفع نسبة الرواتب، ما ترى أنه إنجاز للحكومة الجديدة وتحميل حكومة الحمدالله كل الأزمات السابقة، وكأن رئيس الحكومة هو من اتخذ تلك القرارات وتسبب في الأزمات التي أدت لخلافات عميقة في أروقة الحركة خاصة في غزة، علما أن قرار صرف الرواتب والنسبة كانت تصدر عن اجتماع مركزية الحركة.
رئيس التحرير وكالة معاً والمقرب من الرئيس عباس ناصر اللحام حمّل في مقال له حكومة الحمدالله كل الأزمات التي مرت بها فلسطين وقال " في العام 2013 تشكّلت حكومة الوفاق الوطني التي حصلت على مباركة حماس والتنظيمات الأخرى، ومنذ ذلك اليوم لم تشهد فلسطين يوما واحدا من الوفاق، بل دب الشقاق والخلاف حتى بلغت القلوب الحناجر وتضاعف عدد الشهداء والجرحى والأسرى".
وتابع "كان لحكومة الوفاق هدفان فقط: استعادة الوحدة الوطنية وتحديد موعد للانتخابات وقد فعلت الحكومة كل شيء باستثناء هذين الهدفين".
وأضاف علمتنا التجربة السابقة عدة دروس منها:
- الحاجة إلى حكومة تحل مشاكلنا لا أن تدير مشاكلنا وتشرحها لنا.
- الحاجة لى خطة يلتزم بها الجميع لبلوغ غايات محددة في وقت محدّد، والوقت المحدّد مهم مثله مثل الغاية. فلا يوجد شيك سياسي مفتوح لأية حكومة ولا لأي فصيل.
ويبدو أن فتح قررت جعل حكومة الحمدالله كبش فداء لكل المرحلة السابقة، لكن ذلك لا يتنافى مع حالة الارتباك الكبيرة التي تشعر بها السلطة وفتح خاصة في هذه المرحلة التي تشهد تغول الجانب الإسرائيلي وتقويض السلطة الفلسطينية، لذا فإن مربط الفرس هو أن كل الإجراءات القادمة بما فيها التعديل الحكومي تعكس خشية هذا التيار من تقويض حماس لسلطة أبو مازن وشرعيته.