السلطة ومؤتمر البحرين: "لا لنحر الناقة ولا ركوبها"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة- محمود فودة  

مرة أخرى تبدي سلطة حركة فتح موقفا سياسيا قطعيا من ملف يهم القضية الفلسطينية بأسرها والمتمثل في مؤتمر البحرين، وبرغم أنه موقف يحسب لها، إلا أنه يبقى ناقصا في حال لم تستكمله بالكثير من الإجراءات والقرارات.

وطيلة الأسابيع الماضية، أكدت السلطة مرارا وتكرارا رفضها التام المشاركة في مؤتمر البحرين الذي من المقرر عقده الأربعاء المقبل، لمناقشة الشق الاقتصادي من خطة الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية والتي تحمل اسم "صفقة القرن".

وفي المقابل، فإن السلطة لم تتخذ أي إجراء أو قرار آخر، يمكن من خلاله الضغط على الدول والكيانات والشخصيات المشاركة في المؤتمر، ما يفضي إلى إفشاله، أو على الأقل التقليل من أهميته، ورفع نسبة المقاطعة، في مقابل الحضور.

وبرغم أن السلطة تدعي امتلاكها علاقات متينة بعديد الدول المشاركة في المؤتمر، كمصر والأردن والسعودية، إلا أنها لم تسعَ للضغط عليها، باستخدام الأوراق التي تملكها السلطة، كملف الوصاية فيما يتعلق بالأردن، وملفات قطاع غزة والمصالحة الفلسطينية مع مصر وغيرها من الأوراق التي يمكن للسلطة اللعب فيها.

وبناءً على ما سبق، تكون السلطة قد وضع اللاءات شعارا لها، بعيدا عن التطبيق الفعلي، إذ إن الدول المشاركة في المؤتمر ستبقي على علاقاتها بالسلطة، دون أي تغيير أو تراجع، أو حتى تأثير، في ظل اكتفاء السلطة بتنفيذ موقفها، دون تعميمه على بقية الدول، برغم قدرتها على سوق الحجج الكافية للضغط في اتجاه المقاطعة.

وكان لزاما على السلطة أن تعقد لقاءً وطنيا جامعا لكل الفصائل والأحزاب الفلسطينية، مع إزاحة الخلافات الداخلية جانبا، في ظل مفترق الطرق الخطير الذي تقف عليه القضية برمتها، والخروج بموقف وطني يمكنه التأثير على موقف الدول، وكذلك إظهار متانة الصف الفلسطيني في مواجهة الموجات السياسية القادمة.

ويبدو واضحا أن السلطة لم تتعامل بالشكل المطلوب في الرد على مؤتمر البحرين، فحيث إنها لم تشارك في المؤتمر لم يكن كافيا لإفشاله، إذ أنه يحتاج لرفض عربي وإسلامي واسع، وهذا لا يتأتى بقرار المقاطعة وحسب، إن لم تتبعه سلسلة من الجهود والمتابعة.

وكذلك لا بد للسلطة أن تبدأ في التحضير للرد على نتائج المؤتمر، وتداعياته، من خلال إبداء المواقف والإجراءات اللازمة للحيلولة دون الولوج للمرحلة الثانية من صفقة القرن، وهذا يتطلب إفشال المرحلة الأولى.

وبعيدا عما سبق، فإن السلطة لا تبدو لديها الجرأة على مواجهة أي طرف عربي أو إسلامي، شارك في المؤتمر، في ظل أنها لا تقوى على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، في يوم الإضراب الشامل، الذي يسبق المؤتمر، في ظل أنها ألغت كل الفعاليات الشعبية الميدانية، بحجة امتحانات الثانوية العامة، إلا أن إعلام الاحتلال كشف أن الإلغاء كان بطلب من جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك".

وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن السلطة ملزمة كأكثر طرف فلسطيني بالسعي لإفشال المؤتمر، ومن ثم القضاء على تبعاته السياسية في أعقاب انتهائه، وذلك بواسطة جهودها السياسية، في ظل امتلاكها شبكة من السفارات والعلاقات الدبلوماسية مع عشرات الدول وفي مقدمته المحيط العربي.

وأضاف عوكل في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الاكتفاء برفض المشاركة على إيجابيته لا يعد كافيا، في ظل السيل الأمريكي الجارف، بل يتطلب اتخاذ مواقف وطنية مدعومة من الشعب الفلسطيني أولا ومن ثم فصائله، وذلك يستدعي دعوة كل القوى الوطنية والإسلامية للقاء وطني عاجل لتدارس الموقف واتخاذ القرارات.

وأشار عوكل إلى أن السلطة ليست ضعيفة إلى هذا الحد، الذي تسمح به للدول العربية والإسلامية بالمشاركة في المؤتمر، دون أن يكون لها رد فعلي واضح على مشاركتها، إلا أن الدول قد استبقت مشاركتها بالموافقة على تفعيل شبكة الأمان العربية للسلطة في ظل رفض الأخيرة استلام أموال المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي نهاية المطاف، فإن الأيام المقبلة كفيلة بإظهار تحضيرات السلطة لمواجهة المؤتمر، وصفقة القرن بأكملها، إلا أن البوادر لا تشي بوجود أي خطة وطنية لدى السلطة لمواجهة الصفقة، والاكتفاء بالرفض، وهذا يمثل انتكاسة حقيقية للموقف الفلسطيني بكل أركانه.

البث المباشر