مصطفى الصواف
كان جورج ميتشل مبعوث الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى منطقة الشرق الأوسط ومنسق عملية السلام والمفاوضات ما بين فريق التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي صريحا جدا في المؤتمر الصحف الذي عقده في مدينة شرم الشيخ المصرية عندما أكد على الموقف الأمريكي الواضح من شكل الدولة الإسرائيلية المراد إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانبها وهي دولة للشعب اليهودي، وهذا تأكيد على تبني الإدارة الأمريكية للموقف الإسرائيلي من ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة.
تصريح ميتشل هذا لن يكون عفويا أو زلة لسان، بل هو الموقف الأمريكي الواضح والجلي، وهذا الموقف سيكون مقابلة موافقة الجانب الإسرائيلي على تجميد الاستيطان لبضع شهور، ومن ثم تواصل حكومة إسرائيل عمليات البناء في المستوطنات وفق ما يسمى الحاجة أو التوسع الطبيعي، وهذا ثمن زهيد تدفعه حكومة نتنياهو من أجل هدف أكبر وهو انتزاع اعتراف فلسطيني بيهودية الدولة بناء على تبني الموقف الأمريكي للموقف الإسرائيلي.
أمام هذا الوضوح من قضية يهودية الدولة وتبني الإدارة الأمريكية لها والعمل من أجلها، ماذا بقي أمام الفلسطينيين ليقولونه بعد أن أكدوا على أنهم يرفضون الاعتراف بيهودية الدولة، وهي القضية التي ترى الإدارة الأمريكية أنها هدف المفاوضات وهو دولتان متجاورتان واحدة للشعب اليهودي والثانية للفلسطينيين، فهل سيستمر المفاوض الفلسطيني في لعبة المفاوضات المباشرة التي أطلقها لقاء شرم الشيخ بحضور كلينتون وعباس ونتنياهو وعراب التصفية للقضية الفلسطينية حسني مبارك الرئيس المصري؟.
ميتشل تحدث في المؤتمر الصحفي بشكل عمومي في القضايا الأخرى وأدعى أن دور الإدارة الأمريكية هو دور تجسير الهوة بين المواقف، وأن نجاح المفاوضات في استمرارها بغض النظر عن نتائج هذه المفاوضات، وأن الإدارة الأمريكية ستكون شريك فعال وأن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سيحلون القضايا فيما بينهما وباتفاقهما، وعندما تكون هناك ضرورة لتدخل أمريكي فلن يتعدى التشجيع أو تقديم بعض الأفكار.
كلام ميتشل غير صحيح بدليل أنه حسم قضية جوهرية مختلف عليها يرفضها الفلسطينيون ويؤكد عليها نتنياهو وهي يهودية الدولة، فهل هناك حسم أكبر من هذا الحسم وتدخل أكبر من هذا التدخل خاصة عندما يتبنى راعي المفاوضات موقف أحد الأطراف ولم يترك مجالا للتفاوض للوصول إلى حل في هذه القضية.
مفاوضات ذات نتائج محسومة ومتفق عليها بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي وما على الفلسطينيين إلا القبول بهذه النتائج؛ لأنه لا خيار أمامهم غير القبول طالما أنهم يدخلون المفاوضات المباشرة بلا مرجعيات وبلا غطاء فلسطيني وتحت سيف الحاجة المالية لسد نفقات السلطة في رام الله.
والسؤال الموجه إلى المفاوض الفلسطيني ومحمود عباس، ماذا ستفعلون بعد هذا الوضوح للموقف الأمريكي من يهودية الدولة، هل ستستمرون في التفاوض وفق نظرية نتنياهو باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة أم سيكون لكم موقفا مخالفا لموقف الإدارة الأمريكية الذي حسم هذا الموضوع وترفضون هذا الموقف وتقلبون الطاولة على رأس اوباما و نتنياهو وعرب التصفية مبارك، أم ستواصلون التفاوض على قاعدة يهودية الدولة التي ترفضون.
هذه القضية اعتقد أنها كافية لوضع حدا لهذه المفاوضات المحددة مسبقا نتائجها، لأن الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية له ما بعده، وبقية القضايا سواء كانت الحدود أو الأمن وأيهما يسبق الآخر مسألة شكلية ولن تؤدي إلى خلافات كبيرة وهذا ما يؤكده عريقات عندما قال أن الخلافات بين الجانبين ليس كبيرة، وهي قضايا متفق على غالبيتها والخلاف لن يفجر هذه المفاوضات.