أطلق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، في الأيام القليلة الماضية عدة تصريحات تعكس مرونة سياسية وترجمة لوثيقة الحركة السياسية التي أطلقتها مطلع العام 2017.
وقال هنية في لقاء مباشر نظمته "الجمعية الفلسطينية للاتصال والإعلام"، بمدينة إسطنبول إن حركته لا تعارض "مرحليًا" قيام دولة على حدود العام 1967، لكنها متمسكة بعدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
وأعلن هنية، في لقاءين مع صحفيين أجانب، أحدهما في قطاع غزة يوم 20 يونيو 2019، وآخر يوم 20 يوليو 2019، أن حركة حماس على استعداد للاعتراف ببرنامج مرحلي يستند إلى إقامة دولة فلسطينية بحدود عام 1967، وأن "المقاومة الشعبية والسلمية" هي الخيار الرئيسي والمقاومة المسلحة باتت "إمكانية"، إلى جانب أن الحركة ليست ضد المفاوضات مع (إسرائيل) ولا تجرمها أو تحرمها، ولكن بشكل غير مباشر.
وكانت حماس أكدت في بيان لها على أن موقفها وسياستها معتمدة وثابتة تنص على أن صراعنا مع الاحتلال، الذي يحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا، وليس صراعاً مع اليهود في العالم، ولا مع اليهودية كدين.
الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور أكد أنه من حيث الشكل، اختيار الإعلام "الأجنبي" لتقديم "حماس الجديدة الواقعية" ليس مصادفة أبدا، بل هو جزء من رسالة من الحركة إلى "الغرب"، على أمل "تصويب" رؤيته لها، ووقف حركة وضعها على قوائم "الإرهاب" التي تتزايد بضغط أمريكي وإسرائيلي، وحركة يهودية عالمية.
وشدد في مقال له على أهمية أن تأتي هذه الواقعية السياسية لحماس في هذا التوقيت ومع الأهمية السياسية الكبرى لها، لكنه تساءل" هل يمثل ذلك تطورا حقيقيا، سيكون الأساس لبرنامج الحركة وميثاقها ام هي مواقف للاستخدام السياسي، في ظل "أزمة خاصة" متعددة الرؤوس تحاصرها؟
وقال " لو أن المسألة جزء من حركة تطوير جوهرية للحركة، فنحن أمام حالة سيكون لها أثر كبير على المشهد السياسي الفلسطيني".
من ناحيته أكد د. إبراهيم حبيب المختص في الشأن السياسي أن تصريحات هنية ليست جديدة وسبق أن وردت في الوثيقة التي أطلقتها الحركة قبل عامين، كما تحدث في الموضوع رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل وقال إن حركته تقبل بدولة على حدود العام 1967 لكن دون الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي.
وأشار حبيب في حديث للرسالة أن المقاومة الشعبية باتت استراتيجية تتبناها الحركة إلى جانب المقاومة المسلحة وفي الوقت الحالي تقدمها وتعززها من خلال مسيرات العودة.
واعتبر ان حديث هنية جاء لسببين الأول انه أراد أن يوصل رسالة يخفف من خلالها وطأة تصريحات القيادي في الحركة فتحي حماد التي أثارت ضجة، والثانية أراد ان يسوق حماس أمام المجتمع الدولي بأنها ليست حركة منغلقة وانما تتفاعل مع المتغيرات السياسية والأحداث التي تدور حولها.
وحول مدى استفادة الحركة من وثيقة المبادئ التي أطلقتها قال "حتى اللحظة لم تستفد حماس من الوثيقة ولم تستطع ترجمتها إلى سياسات".
وتابع "ليس من السهل على قيادات حماس التي اعتادت على الخطابات النارية وليس السياسية أن تتبنى خطابات لها اهداف واضحة ومدروسة ومكتوبة، وتحتاج إلى وقت حتى تترجم الوثيقة عبر الخطاب والسلوك السياسي لحماس".
وتعتبر تصريحات هنية الأخيرة محاولة لترجمة وثيقة المبادئ التي أعلنتها الحركة في مارس 2017 التي جاءت في إطار مساعي الحركة لتجديد فكرها السياسي وسلوكها التنظيمي، فقد اعتبرت الحركة أن هذه الوثيقة تمهد لمرحلة جديدة من مراحل تطور الحركة على المستوى السياسي والنضالي، وأنها بداية لمرحلة جديدة تقدم من خلالها الحركة رؤيتها وفلسفتها للحاضر والمستقبل.
وقد تضمنت الوثيقة السياسية نقطتين أساسيتين أولاهما أن الحركة ليست جزءا من جماعة الإخوان المسلمين، والثانية قبولها بدولة على حدود عام 1967.