يعد التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) متينا رغم إعلان رئيس السلطة محمود عباس وقفه في أكثر من مناسبة.
ذلك التعاون توج مؤخرا بدفعة من المصفحات تسلمتها السلطة لصالح أجهزتها الأمنية وصادق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على إدخالها بهدف تعزيز أمن السلطة الفلسطينية في مواجهة ظروف معقدة.
التنسيق الأمني أعلن عن وقفه في عدة محطات، تارة بسبب عدم إيفاء (إسرائيل) بالتزاماتها، ومرة أخرى جاء بقرار من رأس هرم السلطة بسبب البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال بالأقصى العام الماضي، وذات مرة بسبب إعلان ترمب، وأخيرا بسبب حرمان السلطة من أموال المقاصة، إلا أن كل ذلك لم يجد له رصيدا على الأرض.
ويرى مراقبون أن السلطة لا يمكن لها أن توقف التنسيق الأمني لاعتبارات متعددة الأول ارتباطها باتفاقيات أمنية، وثانيها تحقيق ما وصفه بـ"المصالح الشخصية"، وثالثها عجزها عن تحمل النتائج المترتبة على وقف التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومع نهاية يوليو أصدر رئيس السلطة محمود عباس، أوامر لأجهزة الأمن الفلسطينية، بـ"تقليص مستوى التنسيق الأمني"، مع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى "الحد الأدنى المطلوب.
في المقابل، أكد مصدر أمني فلسطيني، أنه لم يتلق أوامر بهذا الشأن، وأنه لا علم لديه بأي توجيهات جديدة من القيادة بهذا الخصوص.
كما نقلت "هيئة البث" (الإسرائيلية) عن مصادر أمنية أن السلطة في رام الله لم تبلغ الجيش الإسرائيلي عن أي إجراءات جديدة في هذا الخصوص، وأنه "ليس من الواضح كيف سيتأثر التنسيق الأمني بالقرارات التي أعلنها عباس".
بدوره قال كاتب إسرائيلي إن "التنسيق الأمني بين السلطة و(إسرائيل) استطاع أن يصمد رغم كل الأزمات السياسية التي عصفت بالجانبين، وبذلك فهو يعتبر من العوامل التي تجعل علاقاتهما الأكثر تعقيدا باقية حتى الآن".
وأضاف شلومي ألدار في مقاله بموقع المونيتور، أنه "في الوقت الذي يعلن فيه أبو مازن عن قطع العلاقات مع (إسرائيل)، فإن المعطيات الميدانية على الأرض تشير أن التنسيق الأمني ما زال قائما.
وبين ألدار، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، أن منظومة العلاقات الحقيقية بين (إسرائيل) والسلطة ليس ما يتم الكشف عنه أمام العامة، وإنما ما يحصل خلف الكواليس.
وأوضح أنه "رغم قرارات المجالس الرسمية الفلسطينية المركزي والوطني واللجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، لكن عباس دأب على الاجتماع مع رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" نداف أرغمان بصورة دورية في مقر المقاطعة برام الله".
وفي ذات السياق قال مسئول أمني إسرائيلي إن "العلاقات الأمنية مع السلطة لم تكن أفضل من هذه المرحلة، وتركيز الجهد الإسرائيلي ينصب باتجاه استقرار السلطة، ومساعدتها في مواجهة التهديدات الداخلية، خاصة من حماس، لأن السلطة تبذل الجهود الحثيثة لمنع وقوع عمليات مسلحة ضد (إسرائيل)، سواء هجمات فردية أو منظمة قد تعمل على توريط السلطة مع (إسرائيل).
وختم بالقول "بعد إعلان أبو مازن عن قطع العلاقات مع (إسرائيل)، ووقف تطبيق الاتفاقيات معها، فقد أثبتت تجارب الماضي أن الأقوال شيء، والأفعال شيء آخر، ومن الواضح أن (إسرائيل) ستواصل بذل كل ما في وسعها لزعزعة الأرض تحت أقدام عباس الذي يتنازل عن شعبيته بين الفلسطينيين، ويواصل تقديس التنسيق الأمني".
وما يثبت الوظيفة الأمنية المنوطة بالسلطة الفلسطينية، تأكيد الولايات المتحدة أن مساعداتها للأجهزة الأمنية بالضفة ستتواصل وقيمتها 100 مليون دولار، رغم قرار واشنطن وقف مساعداتها الأخرى للسلطة.