في السابع من أكتوبر الجاري، أعلنت الخارجية الصهيونية عن خطة للقضاء على الدور التركي في القدس الشرقية والمسجد الأقصى.
وحسب الخطة التي عرضت تفاصيلها صحيفة "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف (الإسرائيلية) انتشارا، فإن بلورة الخطة التي وضعتها الوزارة، جاءت بعد أن توصلت (تل أبيب) إلى قناعة مؤكدة بأن الدور التركي في القدس الشرقية يمثل تهديدا أمنيا من الطراز الأول.
وقد نصت الخطة بوقف أنشطة منظمة "تيكا" التركية في القدس، بزعم أنها تتبع مباشرة للرئيس طيب رجب أردوغان وتعلن بشكل صريح أن هدفها منع تهويد المدينة، حيث تقرر سحب المكانة الدبلوماسية لمدير "تيكا" في القدس وعدم تجديد إقامته حتى يكون وجوده غير قانوني فيتم طرده.
وإن كان من غير المستهجن أن يقدم الكيان الصهيوني على استهداف أي طرف عربي أو إسلامي أو فلسطيني يحاول فرملة تحركاته الهادفة إلى حسم مصير الأراضي العربية والمقدسات الإسلامية عبر سياسة الأمر الواقع، وضمن هذه الأطراف تركيا، فإن اللافت أن المسوغات التي قدمها الصهاينة للإقدام على هذا التحرك انطوت على إساءة كبيرة للأردن ودوره في القدس.
فكما نقلت الصحيفة عنه، قال وزير الخارجية الصهيوني يسرائيل كاتس إن الخطة الهادفة لتصفية الوجود التركي في المدينة المقدسة تهدف أيضا إلى إفساح المجال أمام تمكين الأردن من القيام بدوره في القدس وفي الأماكن المقدسة.
وقد بدا من كلام الوزير الذي نقلته "يسرائيل هيوم" بأن الكيان الصهيوني الذي يستنفر لتصفية الدور التركي ينظر بارتياح للدور الأردني في القدس والأقصى.
ومما لا شك فيه أن مدح الوزير الصهيوني للدور الأردني يمثل في الواقع إهانة للأردن، حيث أنه إذا كانت الخطة لتصفية الوجود التركي في القدس تهدف، ضمن غايات أخرى، إلى إفساح المجال أمام الدور الأردني، فإن هذا يكرس الانطباع لدى المراقب، بأن الدور الأردني لا يشكل تحديا للسياسات الصهيونية تجاه القدس والأقصى.
لكن التصريحات الصهيونية التي تشوه الموقف الأردني وتدفع المواطن العربي للتشكيك فيه، لم تقتصر على الجدل الذي دار بشأن الخطة لمواجهة الدور التركي، بل تعداه إلى تصريحات صهيونية مباشرة وصريحة.
فعلى هامش انعقاد مؤتمر نظمه قبل أسبوعين "مركز أبحاث الأمن القومي" (الإسرائيلي) في (تل أبيب)، بمناسبة مرور 25 عاما على التوقيع على معاهدة "وادي عربة"، والذي حضرته شخصيات أردنية، تحفظ المركز على ذكر أسمائها؛ قال رئيس جهاز الموساد الأسبق إفرايم هليفي إن الدور الأردني في المسجد الأقصى إيجابي جدا ويهدف إلى منع انفجار الأوضاع الأمنية، حتى في ظل تعاظم موجات التدنيس التي تنظمها الجماعات اليهودية الدينية للأقصى، بدعم وتشجيع من الحكومة الإسرائيلية.
لكن "إشادة" المستويات الصهيونية بالأردن وكيل "المديح" له لا تقتصر على سلوكه إزاء الأقصى والقدس، بل يتعداه إلى الثناء على عمان بسبب تواصل التعاون الأمني والاستخباري مع الكيان الصهيوني على الرغم من السياسات الصهيونية في القدس والأقصى.
فقد نشرت صحيفة "هارتس" تحقيقا موسعا بمناسبة مرور 25 عاما على التوقيع على "وادي عربة"، ضمنته مقابلات مع شخصيات صهيونية سبق أن تولت مواقع دبلوماسية وسياسية، حيث أجمعت هذه الشخصيات على أن العلاقة الأردنية (الإسرائيلية) تقوم فقط على التعاون الأمني والاستخباري، الذي يعد حيويا بشكل كبير لـ(تل أبيب).
والمفارقة أن جميع النخب الصهيونية التي علقت على مرور 25 عاما على "وادي عربة"، سيما المستويات الأمنية والاستخبارية والدبلوماسية التي تعاملت مع الأردن، أجمعت على أن (إسرائيل) تتنكر للمملكة ولا تراعي مصالحها وتتعامل معها بنكران جميل واضح وقبيح.