قائد الطوفان قائد الطوفان

عائلة قرمش المسلمة تعيش وسط كنيسة في غزة

غزة/مها شهوان

يقطن عماد قرمش 38(عاما) ، الذي يعتنق الإسلام ببيت داخل كنيسة"دير بيرفيرويس"  الملاصقة لمسجد كاتب ولايات في حي الزيتون بمدينة غزة مع عائلته ، ويمارس حياته بشكل طبيعي دون أن يعترضه أحد.

 

يقول قرمش "للرسالة نت":كان جدي يعمل حارسا لنادي الكنيسة عندما هاجر من قرية أسدود المحتلة إلى غزة، فسكن بحي الزيتون- منطقة العمدان، و كان يترك عائلته وقت حراسته للكنيسة.

 

ويضيف قرمش الذي ترعرع وسط الكنيسة""الخوري " طلب من جدي أن يأخذ أرضا داخل الكنيسة، ويبني عليها بيتا يتسع لعائلته المكونة من ثمانية أفراد ، وكانت الأرض عبارة عن أرض وقف مسيحي مساحتها حوالي200متر.

 

ورغم اختلاف الأديان إلا أن العائلة تمتعت بحريتها الكاملة وحافظت على تقاليدها وعادتها داخل الكنيسة، وتبادلت مشاعر الاحترام بين زوارها من المسيحيين، لدرجة أن مفاتيح الدير بأكملها كانت بحوزة العائلة.

 

جلسات السمر التي تجمع العائلة مع أصدقاءها من الشبان المسيحيين اتسمت بعلاقة حميمة

دون أن يجرح أحدهم الأخر ، وفي بعض الأحيان كان قرمش يؤدي صلاة العشاء في ساحة الكنيسة .

 

ويشير قرمش إلى أن المسيحيين في غزة أقلية، لذلك تطبعوا بعاداتنا، وأحيانا عند الحديث معهم  كنت أقول لأحدهم عند مخاطبته صلي على النبي، أو وحد الله فيقول اللهم صلي عالنبي ولا اله إلا الله ".

 

وذكر انه لم يتبق من  العائلات المسيحية التي عاشت في حارته قبل ثلاثين عاما سوى  ثمانية أسر، مشيرا إلى أن الكثير من أصدقائه المسيحيين يبادلونه الزيارات في جميع المناسبات سواء الدينية أو الخاصة.

 

ولفت قرمش إلى أنهم كانوا يحيون حفلات أفراح زفافهم داخل نادي الكنيسة، وتم إحياء حفلة زفافه بساحة الكنيسة وكان ذلك بإذن من الخوري دون أن يعارض بل على العكس بارك له.

 

وعاد قرمش بذاكرته  للوراء قائلا : عندما حان موعد حفلة خطوبة أختي خططنا لإقامته بنادي الكنيسة ، فتوفى أحد المسيحيين، وقررنا تأجيل الحفلة، إلا أن الخوري أصر على إتمام الخطوبة.

 

وحي التسامح الذي طالبت به جميع الأديان السماوية لم يمنع الخوري من حضور صلاة الجنازة في مسجد  كاتب ولايات عندما توفي والد قرمش، ما يدلل على العلاقة الوطيدة التي جمعت بينهم.

 

وبين قرمش أنه مر عليه العديد من رجال الدين المسيحيين من صغره ولم يسيء أحد منهم لأفراد عائلته ، معتبرا أن وجودهم بالكنيسة هو حماية لها، فهو لا يسمح لأحد أن يدخل الكنيسة ويفتعل فيها المشاكل.

 

وتقول زوجة قرمش "أم عمر":" كان الأمر بالبداية مقلقا عندما تقدم عماد لخطبتي، وعلمت أنه يعيش داخل كنيسة، خاصة أن عائلتي محافظة جدا ، لكن بعد أن اطلع أهلي على البيت ورأوا  عيشة أهل زوجي وافقوا دون تردد .

 

وتشير أم عمر إلى  أنها لم تستطع التعامل مع زوجة الخوري وأبنائها الذين كانوا يعيشون في الكنيسة ببيت مستقل، لكن سرعان ما اشتدت أواصر العلاقة بينهما ، ومع مرور الأيام استطاعت أن تتعامل معهم .

 

وحرصت أم عمر على تربية أبنائها وفق تعاليم الدين الإسلامي منذ صغرهم، وإرسالهم مع والدهم للصلاة بالمسجد، كما حرصت على عدم انقطاع صوت القران الكريم من بيتها .

 

وذكرت أنها تعرضت لمشكلة بسيطة مع إحدى بناتها الصغار حينما سمعتها تجيب أي شخص يسألها عن دينها بالمسيحية، لكنها استطاعت أن تتغلب على هذه الإشكالية بسرعة.

 

وأردفت :"في الحرب الأخيرة على القطاع كانت الكهرباء تقطع باستمرار، وابني الصغير كان مريضا، ويحتاج لعمل تبخيره  من 3 - 4 مرات في اليوم الواحد ، فكنت اذهب لبيت الخوري لعمل التبخيرة، نظرا لأن لديه ماتور كهربائي.

 

وتقاطعها ابنتها مروة ذات العشرة أعوام بعفوية قائلة: في كثير من الأحيان عندما أخرج من الكنيسة يقول لي أولاد الحارة بأني مسيحية، فأرد عليهم وأقول أنا مسلمة ، فانا أحب ديني كثرا.

 

و يستغرب صديقاتها عندما يأتين لزيارتها ، متسائلين كيف تستطيع العيش ببيت داخل الكنيسة، و إن كان هناك من يضيق عليهم ، فتجيبهم بأنهم عائلة محافظة يحترمون الكل والكل يحترمهم .

 

وتقول مروه :" أحب أن اذهب للمسجد لأتعلم حفظ القران الكريم خاصة في الإجازة الصيفية ، ودائما في شهر رمضان أذهب لصلاة التراويح .

 

هذه هي غزة كما عودتنا أن يعانق فيها الهلال الصليب معلنا معنى التسامح والمحبة بين الأديان الذي دعا إليه ديننا الإسلامي ، ومما لا شك فيه أن دين هذه العائلة وتقربهم من ربهم هو الذي جعل الآخرين يحترمونهم.

 

البث المباشر