على الرغم من ان قرار النائب العام في لاهاي بشأن فتح تحقيق في جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين كان متوقعاً ، كما انه من المتوقع موافقة قضاة المحكمة على صلاحيتها بإجراء هذا التحقيق ، إلا ان اسرائيل لم تقرر بعد ماذا ستفعل اتجاه هذا الاجراء الهام ضد ممارساتها القمعية اتجاه الفلسطينيين ، فهل ستقاطع المحكمة بشكل كامل ؟ ام انها ستختار إرسال محامين خاصين بها للنيابة عنها ؟ ام أنها ستشارك جزئياً ؟
لقد قامت اسرائيل في الفترة الأخيرة باتخاذ إجراءات على ارض الواقع لتجنب التورط في محكمة لاهاي ، مثل تأخيرها لتنفيذ قرارات المحكمة اتجاه الخان الاحمر وغيرها ، كما قامت الحكومة في هذه الايام بفرض السرية على نقاشات وزراء الحكومة والكابينت في الموضوع لحساسيته وتعاملها معه بشكل جديّ .
من جانب آخر فقد اصدر المستشار القضائي للحكومة أفخاي مندلبليت فتواه أو رأيه بالموضوع حيث قرر عدم وجود صلاحية للمحكمة لبحث هذا الامر ، فاسرائيل لم تختار الدفاع التفصيلي عن التهم ، بل اختارت الذهاب الى خط عدم وجود صلاحية للمحكمة في هذا المجال ، واوضح مندلبلت أسباب موقفه بالتالي :
1- ان دولة ذات سيادة فقط هي من يعطي محكمة لاهاي صلاحية القيام بمحاكمة جنائية ، والسلطة الفلسطينية وفق مندلبلت ليست دولة ولم تصل الى هذا الحد .
المبرر الثاني :ان انضمام السلطة الفلسطينية لاتفاقية روما ليس بديلا عن ضرورة وجود دولة ذات سيادة على منطقة جغرافية معروفة ومحددة .
اما المبرر الثالث الذي طرحه المستشار القضائي لحكومة الاحتلال لرفضه لصلاحية المحكمة لبحث هذه المواضيع فهو ان اسرائيل تمتلك إدعاءات قانونية سارية المفعول على المناطق الفلسطينية ، حيث اتفقت اسرائيل مع الفلسطينيين وبتأييد من اوروبا والمجتمع الدولي بأكمله على حل الخلافات بينهما بطريقة المفاوضات وليس بطريقة القضاء .
أما المبرر الرابع فان توجه الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي يخترق الاطار المتفق عليه بين الطرفين ، ويدفع المحكمة للحسم في مسائل سياسية يجب ان لا يتم حسمها الا من خلال المفاوضات ، وليس بإجراءات قضائية جنائية ، بمعنى ان هذا ليس من وظيفة المحكمة .
من الواضح ارتباك اسرائيل في الامر ، وقد تقوم بارسال محامين خاصين للنيابة عنها ، واستبعد ان تقاطعها بشكل تام ، مع ان عقلية الاحتلال العنجهية قد تدفعه للتوجه باتجاه المقاطعة .