ليلة مشتعلة في الضفة والقدس.. المقاومة الشعبية تتصاعد

العملية
العملية

الرسالة- محمود فودة 

عاشت مدن الضفة الغربية والقدس ليلة مشتعلة بعدما تمكن شاب فلسطيني من دهس 14 جنديا (إسرائيليا) في مدينة القدس ومن ثم الانسحاب بأمان، بالتزامن مع إطلاق نار صوب قوة عسكرية أخرى خلال هدمها منزل أسير بجنين، فيما استشهد شاب من نفس المدينة خلال مواجهات اندلعت مع القوة المقتحمة، وكذلك الحال في عدد من مدن الضفة.

وتصاعدت المقاومة الشعبية للاحتلال في أعقاب الإعلان الأمريكي عن خطة السلام "صفقة القرن" التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، إلا أن هذه المقاومة لا تزال في مراحلها الأولى في مواجهة الحدث نظرا إلى عدم وجود إسناد لها من المؤسسات الرسمية والتنظيمات.

وشهدت مدن الضفة الغربية المحتلة وحدود قطاع غزة سلسلة من المواجهات بين الشبان الغاضبين من الإعلان الأمريكي، وقوات الاحتلال، فيما تركت هذه المقاومة آثار واضحة وثقتها وسائل الإعلام في مواجهة الكف للمخرز، كان آخرها ما بث من منطقة "أم الشرايط" في رام الله من تصدي الشبان الثائرين لقوات الاحتلال التي اقتحمت المنطقة، وقبلها بيوم حرق جندي (إسرائيلي) في الخليل.

ونظرا لطبيعة الوضع في الضفة الغربية المحتلة من حيث القبضة الأمنية المشددة من قوات الاحتلال وأجهزة أمن سلطة حركة فتح، تبدو المقاومة الشعبية بالأدوات السلمية الخيار الأمثل لمواجهة الاحتلال في الوقت الحالي، في حال لم تتمكن المجموعات العسكرية من إعادة تكوين نفسها لتنفيذ عمليات مسلحة في الضفة.

وفي غزة تتأرجح المواجهات بين السلمية والعسكرية، فبالتزامن مع التظاهرات العفوية على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، يتواصل إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة على مستوطنات غلاف غزة، بالإضافة إلى إطلاق قذائف صاروخية بين الحين والآخر.

ويظهر للعيان أن المقاومة الشعبية في الضفة كما المسلحة بحاجة إلى دعم وإسناد من سلطة حركة فتح، إلا انها لا توفر الحد الأدنى الأمر الذي يعيق توسعة الحراك وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع من ناحية الضغط على الاحتلال أو على الأقل إشعاره بالقلق.

وفي التعقيب على ذلك، يقول عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية إن أنظار العالم تتجه إلى الفلسطينيين لمعرفة ما الذي بمقدورهم فعله لإسقاط صفقة القرن وإحباط مراميها، وفي الخلفية، يبرز دائماً السؤال عن الأسباب التي تحول دون اندلاع موجات أكثر جدية واتساعاً من المقاومة الشعبية، وصولاً – ربما – لإشعال انتفاضة ثالثة.

وأضاف الرنتاوي في مقال له أن سبب هذا التركيز على ضعف البعد الشعبي المقاوم، يكمن في مطرحين: الأول؛ القناعة بأن مصائر صفقة القرن سترتسم على خطوط التماس بين الاحتلال الوافد وسكان البلاد الأصليين، أما الثاني؛ فتستدعيه كلمات نيكي هيلي الساخرة: لم تسقط السماء على الأرض عندما قررنا نقل السفارة إلى القدس السماء لم تسقط على الأرض هذه المرة كذلك، أقله حتى الآن.

وبيّن أن ثمة الكثير من "الاقتراحات" التي يجري الزج بها لتفسير ضمور المقاومة الشعبية، خصوصاً في مثل هذه المنعطفات الحادة كـ"صفقة القرن"، من بينها أن مقاومة الضفة الغربية، بنى وهياكل وثقافة وروحاً معنوية، خضعت منذ العام 2005، لعمليات تجريف وتجويف منهجي منظم، تمت بإشراف دولي مباشر.

وفي المقابل، فإن ثمة قلق في أوساط الاحتلال (الإسرائيلي) من مآلات الأوضاع في الساحة الفلسطينية خصوصا في الضفة التي تحوي عشرات نقاط التماس بين الفلسطينيين والاحتلال، خصوصا في حال إنهاء التنسيق الأمني بشكل فعلي من قبل السلطة.

وكان الكاتب إسرائيلي تال ليف رام قد قال إن "أنظار الجيش تتوجه نحو الضفة، حيث أعدت قيادته كبار ضباطها لمواجهة فرضية إمكانية حدوث تصعيد عسكري فيها، بالتزامن مع أي حراك للمستوى السياسي الإسرائيلي باتجاه تطبيق الصفقة على الأرض".

 وأضاف تال ليف رام في مقاله بصحيفة معاريف، أن "الفترة القادمة ستكون حرجة وحساسة أكثر من أي وقت مضى، لأن معدل الأحداث الأمنية سيزداد، لكن من الآن وحتى التصعيد القادم لدينا وقت طويل، وتأمل المنظومة الأمنية أن تتم المحافظة على الهدوء الأمني النسبي القائم هناك، لأن السلطة الفلسطينية ما زال لديها ما تخسره في حال اندلاع جولة مواجهة عنيفة مع (إسرائيل)".

وتابع: "صحيح أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية يحول دون اشتعال الوضع الميداني في الضفة الغربية، لكن الأمر أيضا منوط بـ(إسرائيل)، المطالبة بالتعامل بعقلانية مضاعفة، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات".

وختم بالقول بأن "من بين السيناريوهات السوداوية (الإسرائيلية) مع الفلسطينيين، الوصول إلى انهيار التنسيق الأمني مع السلطة، وانتهاء باندلاع موجة عمليات مسلحة دامية، بما في ذلك نشوب هبات شعبية واسعة النطاق في الضفة الغربية وغور الأردن، ولذلك فإن جميع الكتائب والفرق والألوية في الجيش تقف على أهبة الاستعداد".

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر