يتضاعف الدين العام للسلطة عاما بعد الآخر، دون وجود خطة جدية لإيقاف الانزلاق الكبير في الدين رغم خطط التقشف التي قالت الحكومات السابقة إنها تنتهجها للتقليل من الدين العام.
ولم يستطع أيا من وزراء الحكومات المتعاقبة للسلطة، على تخفيض الدين العام أو الحد منه، فالرقم في ازدياد منذ نشأة السلطة عام 1994 وحتى يومنا هذا.
ووفق بيانات وزارة المالية في حكومة رام الله، صعد الدين العام المستحق على الحكومة بواقع 236 مليون شيكل خلال يناير الماضي على أساس شهري، فيما بلغ إجمالي الدين العام حتى نهاية يناير الماضي 9.89 مليار شيكل.
ويتوزع الدين العام المستحق على الحكومة بين دين عام محلي بقيمة 5.614 مليارات شيكل بنهاية يناير الماضي مقارنة مع 5.45 مليارات شيكل في ديسمبر 2019، ودين عام خارجي بقيمة 4.283 مليارات شيكل بنهاية يناير الماضي، صعودا من 4.210 مليارات شيكل بنهاية ديسمبر.
تراكم مستمر
ويعاني النظام المالي في فلسطين من ارتفاع معدل الدين سنة بعد الأخرى، وعجز كبير في الوفاء بالالتزامات المالية تجاه المُقرضين، وهو ما يعمل على زيادة الفوائد على القروض وارتفاع المديونية.
وفي تقرير سابق للبنك الدولي، حذرت فيه السلطة من اقترابها من الحد الأقصى للاقتراض، وأن ذلك سيؤثر على إدارة النفقات وقدرتها على السداد.
وبالحديث عن نشأة الدين العام عند السلطة، فإن التقارير المالية أظهرت عام 1995، أن حجـم الدين بلغ 83.3 مليون دولار وتسارع نموه وقتها، ووصل إلـى 300 مليـون دولار في السنة التالية.
وتضاعف الرقم إلى 615 مليـون دولار عـام 1999، أي بمعدل تغير يصل إلى 636% خلال الفترة من 1995 إلى 1999.
واتسمت فترة التسعينات مـن حيـاة الـسلطة بـالكثير مـن تعـارض الأولويات والتضارب بين مهام الوزارات والمؤسـسات، وهو ما أدى لتضخم حجـم الإنفـاق العـام لمواجهـة إقامـة المؤسـسات وتزايد أعداد الموظفين وتردي حالة البنى التحتيـة الموروثـة عـن الاحـتلال، وتـسارع حجم الدين أمام محدودية الموارد المحليـة وضـعفها.
ومع بداية انتفاضة الأقصى، قفز حجم الدين العـام مـن 795 مليـون دولار عـام 2000 إلـى 2.2 مليار دولار عام 2011 وبنسبة زيادة مقدارها 178.4%، بمتوسـط زيـادة ـسنوية قدرها 14% إلا أن أكبر نسبة زيادة في حجم الدين كانـت عـام 2001، إذ بلغـت حـوالي 50%.
ولو تحدثنا عن الموازنة، فنجد أن موازنة السلطة ارتفعت بنسبة 54% بين عامي 2007 و 2014، حيث بلغت موازنة عام 2007 بحوالي 2.3 مليار دولار، وهو ما ضاعف من الديون.
وتشكل رواتب الموظفين العبء الأكبر على السلطة، وتزداد سنويا دون وجود هيكلية خاصة لتقليلها، كما أن نسبة الدعم والمساعدات الواصلة للسلطة قلّت خلال السنوات الأخيرة في ظل الأحداث والثورات التي مرت بها المنطقة.
وفي حالة تأخر استلام أموال المقاصة كما حدث قبل أشهر أو انخفاض قيمة المساعدات عن المستوى المطلوب، تلجأ السلطة إلى الاستدانة من البنوك المحلية، وتؤجل دفع ما عليها من مستحقات مالية للقطاع الخاص المحلي ولصندوق التقاعد والمعاشات الحكومي، وهو ما يزيد الفوائد ويراكم الديون.
وخلال أزمة المقاصة العام الماضي، نما الدين العام الحكومي 18.2%، ولكن السلطة استطاعت تخفيض النسبة بعد استلام أموال المقاصة منقوصة.
وعانت السلطة من أزمة المقاصة في نهاية فبراير من العام الماضي، مع اعلان حكومة رام الله رفضها تسلم أموال المقاصة منقوصة بعد قانون الاحتلال باقتطاع الأموال.
ولا تزال الدين عام يثقل كاهل الفلسطينيين بفوائد تتضاعف عاما بعد الآخر، والمستفيد الأكبر البنوك التي تزيد أرباحها من أموال الشعب.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطة تعتمد في إيراداتها على ثلاث مصادر رئيسية: وهي الضرائب المحلية ونسبتها 30% من الإيرادات الكلية، إيرادات المقاصة حصيلتها 60% من الإيرادات، والمساعدات المالية التي تأثرت كثيرا خلال السنوات الأخيرة.