قائد الطوفان قائد الطوفان

"إسرائيل" في يد اليمين حتى النهاية

نتنياهو وليبرمان.jpeg
نتنياهو وليبرمان.jpeg

د. صالح النعامي

يمكن اعتبار يوم الخميس الماضي السادس والعشرين من مارس 2020 نقطة تحول فارقة في تاريخ الكيان الصهيوني، بكل ما تعني الكلمة.

وسيذكر المؤرخون ومتتبعو الشأن الصهيوني أن هذا اليوم شهد إسدال الستار على أية فرصة لأن ينتقل الحكم في يوم من الأيام إلى حزب أو حركة لا تنتمي بشكل واضح وصريح لليمين بشقيه العلماني والديني.

فنجاح زعيم الليكود رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في تفكيك تحالف "أزرق أبيض" بعد جر زعيمه بني غانز واقناعه بإنهاء هذا التحالف لكي يلعب دورا ثانويا في حكومته يعني أن اليمين بمركبيه الديني والعلماني ضمن أن يكون التنافس على قيادة الكيان محصورا تحديدا بين مركباته فقط.

نجاح نتنياهو في تفكيك تحالف "أزرق أبيض" المعارض لا يؤذن فقط بهيمنة اليمين إلى أمد غير مسمى، بل لأن هذا التطور سيعيد تركيب البناء المفاهيمي للواقع الحزبي الصهيوني، بحيث يصبح الليكود ممثلا لـ "الوسط" ومواقفه معيار للإجماع.

 وعندها فقط يمكن للمرء أن يتخيل طابع المواقف التي تتبناها الأحزاب والحركات التي تقف على "يمين" الليكود، أي أن الكيان الصهيوني سينتقل من ترف التطرف إلى جنونه؛ وهذا يعني أنه مقبل على قرارات دراماتيكية في كل ما يتعلق بمستقبل الصراع مع الشعب الفلسطيني.

وإن كان بات في حكم المؤكد أن الحكومة الصهيونية الجديدة ستعمد إلى تطبيق الخطة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ "صفقة القرن"، وضمن ذلك ضم مناطق غور الأردن والمستوطنات للكيان الصهيوني؛ فإن مخططات نتنياهو ستكون أكبر من ذلك، سيما وأن استقرار حكومته سيعتمد بشكل أساس على حلفائه في التيار اليميني والمتدين.

وقد احتفت أبواق اليمين الصهيوني بأن الملف الأول التي ستعالجه حكومة نتنياهو الجديدة بعد انضمام غانز إليها سيكون ضم مناطق الضفة الغربية كما نصت على ذلك صفقة القرن.

ومما يغري الحكومة الجديدة بالمضي قدما في مخططاتها التوسعية والتهويدية حقيقة أن جاريد كوشنير صهر ترامب وكبير مستشاريه قد أوضح مؤخرا أن الإدارة الأمريكية ستؤيد قرارات الصهاينة بالضم.

من هنا، فأنه يتوقع على نطاق واسع أن تتجه الحكومة الجديدة إلى توسيع النطاق الجغرافي للمناطق داخل الضفة الغربية التي ستضم لإسرائيل، وتكثيف عمليات الاستيطان والتهويد، وقبل ذلك العمل على إرساء واقع جديد في المسجد الأقصى، عبر فرض التقاسم الزماني أو المكاني، كما يطالب بعض حلفائه في الائتلاف الجديد.

نجاح نتنياهو في حسم المواجهة السياسية الداخلية على هذا النحو المفاجئ لا يرجع إلى قدراته السياسية وسماته القيادية، حيث أن من يعرفه عن قرب يقول إنه الأكثر ترددا في اتخاذ القرارات الحاسمة، بل إلى إبداعه في استغلاله مواطن التطرف وتغذيته بواعث الهلع التي تفترس رجل الشارع الصهيوني، لذا ينجح رغم قضايا الفساد الخطيرة التي يحاكم بها.

على كل الأحوال، فإن تفكك تحالف أزرق أبيض بعد تسلل زعيمه غانز إلى حكومة نتنياهو يدل على فداحة الخسارة التي انتهت اليها القائمة العربية المشتركة التي أوصت بتكليف غانز بتشكيل الحكومة؛ وهذا ما يفرض على ممثلي فلسطينيي الداخل إعادة النظر في طابع تعاطيهم مع النظام السياسي الصهيوني.

البث المباشر