قائد الطوفان قائد الطوفان

مبادرة السّنوار تحيي ملف الأسرى

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

بقلم: حمزة إسماعيل أبوشنب

ما إن أعلن قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار (أبو إبراهيم)، عن مبادرته تجاه ملف الأسرى خلال إحدى المقابلات التفاعلية، حتى انشغل الإعلام الصهيوني بتسليط الضوء عليها، وحازت مساحة من النقاش لدى العديد من كتّاب الرأي في الصحف الصهيونية. وبعد أيام، ردَّ مكتب نتنياهو، رئيس حكومة العدو الصهيوني، بجهوزية طواقم التفاوض للبدء الفوري بملفات تبادل مع حماس.

مما لا شكَّ فيه أن مبادرة السنوار نجحت في تحريك المياه الراكدة منذ فترة في ملف الجنود الأسرى لدى كتائب القسام منذ العام 2014-2015، وإعادة إحياء الملف، سواء على الصعيد الرسمي الصهيوني، بحسب ما أفادت به الإذاعة الإسرائيلية عن لقاءات عقدها وزير الحرب الإسرائيلي بينيت لمناقشة تفعيل الملف، أو على المستوى الإعلامي، كما ذكرتُ في مقدمة المقال، بما يمكن اعتبار هذه المرة الأكثر سخونة على صعيد ملف التبادل مقارنةً بالمراحل السابقة.

ثمة ظروف عديدة لم تكن تسمح لملف التبادل بين حماس والعدو بأن يكون حاضراً على طاولة صناعة القرار الصهيوني، فـ"دولة" العدو عاشت حالة من الشلل السياسي في ظل إجراء 3 انتخابات برلمانية في أقل من عام، وحكومة تسيير أعمال غير قادرة على الذهاب قدماً في حسم خياراتها تجاه الملفات السّاخنة.

يضاف إلى ذلك غياب الضغط الإعلامي والجماهيري من قبل عوائل الجنود الأسرى، وتمسّك الإعلام الإسرائيلي والجمهور برواية الجيش الصهيوني بأن هدار جولدن وأرون شاؤول قتيلان، ما يخفض نسبة التفاعل مع قضيتهم، مقارنةً بحجم التفاعل الشعبي الذي كان واضحاً في ملف شاليط، إذ ساهم الضغط الجماهيري في إلزام الحكومة بالتوجه نحو إنهاء القضية وفق شروط المقاومة.

نجح السنوار في اختيار توقيتٍ قد يكون الأكثر ملاءمةً لتحريك الملف، فجائحة كورونا تجتاح العالم وتؤثر في الجميع، والمبادرة حملت البعد الإنساني بالتركيز على المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، كما أن الظروف السياسية في "إسرائيل" باتت أكثر مواءمة، مع إمكانية تشكيل حكومة مشتركة بين "أزرق أبيض" بزعامة غانتس و"الليكود" وخلفه كتلة اليمين، فعلى غانتس التزام أدبي أمام عوائل الجنود بإعادتهم بحكم موقعه السابق كرئيس أركان في عدوان العام 2014 على غزة، والذي أُسر فيه الجنديان.

تدرك "إسرائيل" في النهاية أن لا مفر من الذهاب باتجاه صفقة تبادل مع كتائب القسام، فتجربة شاليط ماثلة أمام صناع القرار، كما أن كل الجهد الاستخباري والمعلوماتي لم ينجح في تجنيب حكومة العدو الدخول في مفاوضات، وصولاً إلى صفقة أفرجت بموجبها عن ألف أسير فلسطيني.

واليوم، وبعد ما يقارب 6 سنوات، لم يتمكَّن العدو من تحقيق اختراق معلوماتي يساهم في إغلاق الملف، مع محافظة المقاومة على شروطها بضرورة الإفراج عن جميع من تمت إعادة اعتقالهم من المفرج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار"، للبدء بمفاوضات حول الأسرى لديها.

ثمة فرق بين ظروف مفاوضات صفقة شاليط والظروف القائمة حالياً، فالعدو كان يعلم أن شاليط على قيد الحياة، إذ أُسِر أمام كاميرات المراقبة الصهيونية التابعة للموقع العسكري، إلا أن "إسرائيل" هذه المرة مطالبة بدفع أثمان لمعرفة مصير الجنديين، فالرواية الصهيونية تقول إنهما في عداد القتلى، ولكن لا يستطيع أحد أن يجزم بها، ولا سيّما أنّ بعض التحقيقات الاستقصائية الصهيونية ناقضت الرواية الرسميّة.

ما يمكن قوله أنّ قطار المفاوضات بين حركة حماس والعدو الصهيوني بعد مبادرة السنوار بدأ بالتحرك، وأن حديث السنوار في الإعلام والرد الصهيوني الإعلامي يشي بجدية المرحلة المقبلة، والتي ربما تكون مختلفة عن المحاولات السابقة، ولكن ما يمكن الجزم به أننا ما زلنا في البداية، وقد يكون الأمر بحاجة إلى بعض الوقت.

البث المباشر